عمان1:ما زال الغموض يلف علاقة الحكومة ومؤسسات الدولة بالمكونات الشعبية باختلاف شرائحها، وما تزال بعض التصريحات الصادرة عن مسؤولي بعض هذه المؤسسات تثير الاستغراب أو تخالف النهج المفترض في مخاطبة الحكومة للشرائح الاجتماعية المختلفة وما يصدر عنهم من ردود افعال وانتقادات بطرق قانونية وصحية عبر وسائل الاعلام ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي.
اوساط عديدة ومختلفة استغربت تصريحات مدير ادارة الامتحانات نواف العجارمة التي حملت وبطريقة مباشرة وصف شريحة عديدة وكبيرة من رواد مختلف وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ابرزهم صحفيين وكتاب صحفيين ونواب في السلطة التشريعية ومراقبين وخبراء اكاديميين واساتذة جامعات وتربويين بـ"الذباب الالكتروني"، على اثر ابداء رأيهم وانتقادهم بالطرق المنطقية والعلمية المبنية على منهجية صحية ارتفاع معدلات نتائج الثانوية العامة لهذا العام ونظام احتساب علامات امتحانات التوجيهي.
وكان مدير ادارة الامتحانات نواف العجارمة في تصريحات صحفية قال ان وزارة التربية والتعليم لا تلتفت لـ" الذباب الالكتروني" الذي يحبط الطلاب، مشيرا الى ان نتائج الطلبة مستحقة رافضا التشكيك بها. 
العجارمة اهتم بالجانب الذي تفوح منه رائحة الطاقة السلبية على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام وبنى عليها وصفه، تاركا وراءه الاهتمام بأهمية ما قاله أهل العلم والخبراء المتخصصين والمراقبين التربويين والصحفيين الذين انتقدوا منهجية الوزارة في هذا الملف بالطرق الصحية، وجمع الصالح والطالح في وعاء واحد تحت عنوان قاله علنا واصفا الجميع بـ"الذباب الالكتروني" دون تمييز واهتمام. 
تصريحات العجارمة اخذت بالتوسع شيئا فشيئا في مختلف الاوساط حتى وصلت وزير التربية والتعليم الاسبق الدكتور محمد الذنيبات الذي انتقد تصريحات العجارمة عبر احد البرامج الصباحية قائلا: " لا يجوز وصف من يقول رأيا مخالفا لرأي الوزارة بـ"الذباب الالكتروني"، وأضاف " ولا يجوز كسب الشعبية من خلال اتهام الاخرين". 
وعلق الذنيبات على نتائج الثانوية العامة أنها تستدعي التوقف عندها وتقييمها من خلال خبرات اكاديمية، مضيفا ان تلك المعدلات تعني اننا في مجتمع وصفه بـ"العبقري"، منتقدا المعدلات المرتفعة بقوله ان ما جرى ليس صحيحا ولا يمكن ان يكون انعكاسا للواقع. 
اللافت بالامر ان مدير دائرة الامتحانات العجارمة "رفض" التعليق على تصريحات الوزير الذنيبات قائلا" انني اكن كل الاحترام للوزير الذنيبات الذي اعتبره استاذي ومعلمي الفاضل"، ما اعتبره الخبراء والمتخصصين والصحفيين – الذين شملهم وصف الذباب الالكتروني- نوعا من المفاضله والتمييز في دائرة الحوار الذي شغل الرأي العام حول قضية نتائج التوجيهي.
واستغربوا بنفس الوقت التحول المفاجيء الذي حصل للمسؤول الاكاديمي "العجارمة" وكيفية تعاطيه مع تصريحات "الذنيبات" من جهة، بالمقارنة مع كيفية تعاطيه لانتقادات وتصريحات الخبراء والصحفيين والمراقبين عبر منصات التواصل الاجتماعي من جهة اخرى، متسائلين عن تطبيق مبدأ العدالة والانصاف في خاصية الاحتواء التي يتفرض ان تكون "عنوانا للحوار" بين المواطن والمسؤول لتسهيل عملية التواصل مع المكونات الشعبية بمختلف شرائحها وفقا لمبدأ الحرية والتعبير واحترام الرأي والرأي الاخر. 
مسألة اقامة التوازن في عملية الاتصال بين مؤسسات الدولة ومتلقي الخدمة والرأي العام تحتاج الى خبراء ومستشارون لديهم الكفاءه المهنية والعلمية في دائرة عملية الاتصال بينهم، وفقدان اي عنصر من عناصر هذه العملية او دخول عوامل شأنها التشويش على هذه العملية سيقودنا حتما الى فشل في عملية الاتصال وبالتالي فوضى لا نفع منها.

من الجدير ذكره ان مصطلح "الذباب الإلكتروني" استُحدث لوصف مجموعة من الحسابات الآلية المبرمجة على نشر منشورات أو تغريدات عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التأثير في الرأي العام أو جلب الانتباه والنظر إلى فكرة ما مُقابل تهميش أخرى قد تكون ذات أهمية، وشعبيا يعتبر هذا المصطلح في تسخيف وتقليل من شأن من يتم اطلاق هذا الوصف عليه.