إقرأوا التاريخ النضالي الموثق لمدينة السلط وزعمائها
عمان ١ _ احمد ابراهيم الصبيحي - منقول عن باحث ؛قصة تتفاخر بها مدينة السلط وما كان من ابناء السلط وقاطنين مدينة السلط وكان الانجليز يحذرون من غضب اهل هذه المدينة
ابنائي شباب السلط لاحظوا اسماء العائلات السلطية واسماء رجالاتها فهم من احرار الوطن شراقه وغرابه ولا يوجد تفرقه بالسلط بين عائله واخرى
...................
كان الانجليز يحذرون من غضب ابناء مدينة السلط ويصفونهم بالشجعان وبالمحبين للعرب ولفلسطين وطالما حذرّوا الامير عبد الله من زعماء السلط الذين اذا غضب احدهم غضب لاجله كل رجالات المدينة .. وفي بعض الخلوات كما ورد ذلك في روايات شفهية كان الامير يتحسس حين يعلم بأن وفدا من رجال السلط حضروا لمقابلته .. وكان من عادة حاشية الأمير ان يجعلوا الوفود القادمة لزيارته ينتظرون وقتا طويلا في الباحة الخارجية لمكان اقامة الامير حتى يسمح لهم بالدخول .. لكن هذه القاعدة تكسر حين يكون الوفد من رجالات السلط فيدخلون على الامير فورا وقد لجلج صوتهم في ارجاء المكان .. كل زعيم منهم يطلب من الاخر ان يسبقه الى الدخول من باب التكريم والاحترام ..
كان لأهالي مدينة السلط وزعمائها دور كبير في مقاومة الانتداب البريطاني من خلال الاحتجاجات والمظاهرات .. وبرز ذلك جليا عام 1928 عندما قام طلاب مدرسة السلط والاهالي بالمظاهرات احتجاجا على المعاهدة البريطانية مع الاردن والحيلولة دون تصديقها .. واستمرت المظاهرات طوال العام مما تطلب من مدير مدرسة تجهيز السلط اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع المظاهرات وقال : عليكم ان تفهموا بان تدخل طلاب المدرسة بهذه الأمور سوف يضر بالمدرسة وبمنهج معارف المنطقة .
كما بعث متصرف البلقاء رسالة الى مدير تجهيز السلط في العام نفسة ( 22/1/1928 ) يعلمة بان كلا من يوسف قطيش وعيد الصالح قاقيش وعبد الكريم الحاج سعيد عطية وعبد الحافظ ابوعميرة من اهالي السلط يحرضون التلاميذ على الاضراب عن الدوام المدرسي احتجاجا على المعاهدة ..كما اضربت مدينة السلط ثلاثة ايام ، وتوجه وفد من ثلاثين زعيما من اهالي المدينة لمقابلة الامير عبدالله وتحدث بالنيابة عنهم محمد باشا الحسين رافضا هذه المعاهدة من قبل اهالي السلط والبلقاء بالكامل ..
ووعد الامير عبد الله بالعمل على تعديل بعض بنود المعاهدة .. وقال لقد كان ما كان والله ولي الامر والتدبير ( كتاب تاريخ السلط والبلقاء : محمد الصويركي ) .
وكان من بين اعضاء الوفد محمد الحسين العواملة وسعيد الصليبي وسرور الحاج قطيشات وفخري النابلسي ونمر الحمود العربيات وطاهر ابو السمن الحياصات وعبدالله الداود الجزازي وفلاح الحمد الخريسات وعباس العبد الرحمن العمايره ومطيع مهيار ووجهاء من عباد الصبيحي وعيرا وماحص..
كما ابرق زعماء السلط محمد الحسين وصالح خليفة وعبد الرؤوف خليفة ومحمد الحمود الى المندوب السامي والمعتمد البريطاني برقيات احتجاج على هذه المعاهدة وامتنع أهالي السلط عن الاحتفال بالعيد حيث كان رجال ووجهاء المدينة يتوجهون الى دار الحكومة لتهنئة الحاكم بالعيد وسط مظاهر البهجة . وبالتزامن مع ذلك تحديدا في شهر حزيران من عام 1928 قدم أهالي المدينة عريضة موقعة من 116 شخصا تقدموا بها الى المندوب السامي البريطاني تضمنت رفض أي اتفاق لا ينص على سيادة شرقي الاردن او الانفاق من ايرادته على جيش اجنبي ورفض التجنيد الاجباري باعتبار ان حق التجنيد هو جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية ورفض الاعتراف بمشروعية الاحتلال الأجنبي .. اضافة الى عدد من المطالب الاخرى التي تصب في باب المصلحة الوطنية .
وفي عام 1931 تعرضت سيارة المعتمد البريطاني الى الرشق بالحجارة من قبل المتظاهرين في السلط ولم ينقذه من الموت سوى تدخل رجال الدرك الذين قاموا باطلاق الرصاص على المتظاهرين ونجم عن ذلك ان وضع كل من نمر الحمود العربيات وطاهر الجقة وعارف العنبتاوي وعبدالله الحمود وحمدي الصفدي واديب وهبة تحت رقابة الشرطة .. وكان شباب المدينة واحرارها يقومون بتوزيع المنشورات المناوئة للاستعمار كما امتلأت جدران المنازل واكتاف الشوارع بعبارات تسقط بريطانيا \ اخرجوا من بلادنا \ ..
وفي الوقت الذي هبّ فيه اهالي السلط والاردنيون جميعا للتصدي للمعاهدة البريطانية فانهم لم يتوانوا عن مساندة ومناصرة القضية الفلسطينية بالنفوس والمال والسلاح ودعموا هذه القضية في جميع مراحلها منذ صدور وعد بلفور ومرورا بثوراتها المتعددة .
ولقد ناصر ابناء السلط الاهل في فلسطين باصدار بيانات التأييد و إرسال برقيات الاحتجاج مثلما تطوعوا في صفوف المجاهدين .. وعندما عقد المؤتمر الاسلامي برئاسة امين الحسيني عام 1928 طالب نمر الحمود العربيات ومحمد الحسين العواملة باسم اهالي السلط بوضع حد لتعديات اليهود على الاماكن المقدسة ..
وفي شهر تموز من عام 1930 قام وفد من اهالي السلط يضم مسلمين ومسيحيين بزيارة الى القدس لحضور جلسات البراق الدولية وأعلنوا تأييدهم الكامل لهذه القضية .
وفي منتصف الثلاثينيات ومع تصاعد الصراع الصهيوني تطوع مجموعة من ابناء السلط بقيادة احمد النجداوي لمحاربة الاستعمار البريطاني والمشاركة مع المجاهدين في ثورتهم المشتعلة هناك واستشهد منهم على ثرى فلسطين كل من يوسف العبويني واحمد النعمان العطيات وعبد الرحمن النجداوي ونقلت جثامين الشهداء الى مدينة السلط وتم تشييعهم بمشاركة واسعة من الاهالي ..
ويشير المؤرخ والباحث محمد الصويركي في كتابه تاريخ السلط والبلقاء الى ان الذاكرة الشعبية السلطية تستذكر باحترام سيرة ( ابو قشعم ) السلطي الذي حارب مع الثوار عام 1936 واصيب في احدى المواجهات ب 16 رصاصة ورأى امعاءه تتدلى من بطنه فما كان منه الا ان قام بلف قضاضته حول الجرح لينقل بعدها الى مستشفى المعشر في السلالم ..
وكان المرحوم عبد الرزاق علي ابو هزيم ( ابو طعان ) احد ثوار مدينه السلط ضد الإنجليز والصهاينة في فلسطين في الأعوام من ١٩٣٦ إلى العام ١٩٣٩ برفقة صديقيه احمد النجداوي وعواد ابو حسان وآخرين وقد تزودوا بالسلاح والعتاد على نفقتهم الشخصية.
وكان صوت العروبة والوحدة والوعي مدويا في الاربعينيات وكانت الوطنية خالصة لوجه الله والوطن مما حدا ببريطانيا ان تستنكر هذه الروح الوطنية وقالت ان الاردن اصبح معسكرا للثوار يأتون اليه للاستراحة وتجديد النشاط والتزود بالمؤن والسلاح مما يدل على ان المدن الاردنية كانت تؤازر الاهل في فلسطين وتقف الى جانبهم .ولنا في سيرة الشيخ الجليل مبارك ابو اليامين الذي ضرب اروع الامثلة في استضافة الثوار وتسليحهم وتأمين الحماية لهم النموذج المشرق الذي لن تمحوه السنون ولا الايام .. وكذلك المرحوم الحاج عبد الرحمن الحديدي الذي ما يزال ابناؤه يحتفظون ببندقيته التي طالما تلعثمت بالرصاص من هول ما تصدى بها للانجليز واليهود .
وتشير المراجع التاريخية الى ان مدينة السلط شهدت في شهر ايار من عام 1935 مظاهرات حاشدة استمرت قرابة 6 شهور احتجاجا على الهجرة اليهودية وتزويد بريطانيا لليهود بالاسلحة .. و تشير المراجع الى انه في صباح يوم 27 \10 \ 1935 اجتمع عدد من تلاميذ مدرسة تجهيز السلط في ساحة العين مرددين الاناشيد الوطنية ثم توجهوا الى دار الحكومة ( السرايا ) واوفدوا اربعة اشخاص لمقابلة القائمقام وهم حنا قاقيش وانطون البندك ونبيه الملقي وعيسى عجيلات واعلموه ان سبب مجيئهم هو الاحتجاج على الهجرة الصهيونية وطالبوه برفع الشكوى الى المعتمد البريطاني ... وقام مدير المدرسة بطلب من المعتمد البريطاني الذي خاطب الحاكم الاداري بهذا الخصوص باستجواب طلاب الصف الثامن والتاسع والعاشر عن الاسباب التي دعتهم الى التظاهر وعندما سئل الطالب عبدالله العناسوة عن ذلك قال انه الشعور القومي ..
ولكون مدرسة السلط الثانوية كانت انذاك هي المدرسة الثانوية الوحيدة في المملكة فقد تحولت الى مركز رئيس للمظاهرات
ففي 28 \ 5 \ 1936 تجمع حوالي 300 من الطلاب والاهالي قرب الجامع وتوجهوا الى مدرسة الاناث واخذوا بترديد الاناشيد الوطنية وحاول الجنود تفريقهم لكن دون جدوى بل تعدوا على الجنود وضربوهم مما دفعهم الى اطلاق العيارات النارية في الهواء لتفريقهم ولكنهم سرعان ما تجمعوا ثانية قرب السرايا وهناك تقدم مفوض الشرطة وطلب من التلميذ فرح ابو جابر ان يرافقه الى الحاكم الاداري الذي يرغب في مقابلته الا ان التلميذ رفض ذلك فتجمهر المتظاهرون حول مفوض الشرطة وضربوه ورغم تدخل الشرطة الا ان المتظاهرين تجمعوا في منطقة الجدعة واخذوا يرشقون الشرطة بالحجارة، واضطر مدير المعارف بتاريخ 28 \ 5 \ 1936 الى اصدار قرار بتعليق الدراسة في مدرسة السلط الى اشعار اخر بسبب اضراب القسم الثانوي وخروج الطلاب بمظاهرات صاخبة وعنيفة ارغمت اللجنة الفنية للتقسيم على العدول عن زيارة السلط ومواصلة السير الى فلسطين عبر الاغوار .. ورفع زعماء السلط برقية الى اللجنة طالبوها فيها برفض التقسيم ووقف الهجرة واعطاء فلسطين استقلالها
ومثلما يسجل لأهالي السلط بكل فخر واعتزاز مواقفهم الوطنية فانه يسجل ايظا لنساء المدينة المواقف النبيلة المناصرة للقضية الفلسطينية حيث قامت سيدات السلط بجمع التبرعات لاغاثة المنكوبين في احداث يافا عام 1933 وقام وفد يمثل عقائل كل من عيسى قعوار ومنصور المعشر وعيسى نبيل وحورية عيسى بزيارة الجرحى في القدس وتقديم مبلغ خمسين جنيها لهم .. كما تشكلت في السلط لجان لجمع التبرعات والمساعدات لمنكوبي فلسطين عام 1933 برئاسة عبد الله الداود رئيس بلدية السلط وتم ارسال مبالغ مالية الى عقيلة صبحي الخضرا رئيسة لجنة سيدات عكا وبعثت سكرتيرة لجنة السيدات العربيات في القدس زليخة الشهابي برقية شكر الى ابناء وبنات السلط موجهة الى رئيس البلدية الحاج عبدالله الداود لوقفة المدينة الاخوية مع الاشقاء في فلسطين وطلبت منه ايفاد احدى سيدات السلط لتمثيل المدينة في المؤتمر النسائي الذي انعقد عام 1938 في القاهرة لنصرة القضية الفلسطينية .
ويسجل للمرحوم عبد الرحمن ابو حسان تزويد المجاهدين بالمال والسلاح والذي كان عضوا بارزا في لجنة شراء الاسلحة للمجاهدين والعمل على تأسيس مستشفى سري لمجاهدي فلسطين في السلط وكان الصيدلاني عبد الحليم بدران يستقبل ويستضيف المجاهدين من سوريا والمتوجهين الى فلسطين حيث كانوا يقيمون في منزله بالمدينة وبحكم مهنته فقد حول جانبا من المنزل الى مستشفى مصغر لمعالجة الجرحى والمصابين .
ولا بد من التنويه الى ان بعض المعلمات والطالبات كن يقدن المظاهرات المناهضة لليهود ودعم الثورة ضدهم ومن اللافت ان هذه المظاهرات كانت تضم مواطنين وطلابا وطالبات مما يدل على عمق الوعي والثقافة ووجود شخصيات انثوية يشهد لها بالوعي السياسي والاحترام ومن بينهن الفاضلات نورة عربيات وسليمة القماز .
المراجع:
تاريخ السلط والبلقاء الباحث محمد الصويركي
الاردنيون والقضايا القومية
: د محمد خريسات
مدينة السلط: د هاني العمد
الناشر
محمود قطيشات