عمان1:انتقلت الحربُ “غير المعلنة” على اللغة الفرنسية في الجزائر والتي كان يُسميها الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة بـ “غنيمة حرب” من المدرسة الجزائرية والإدارة إلى الشارع، حيث ألزمت مديريات التجارة أصحاب المحلات والمراكز التجارية بتغيير اللافتات والكتابات الموجودة بالواجهات إلى اللغة العربية.
وظلت اللغة الفرنسية خلال حقبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، تُسيطر على أغلب التعاملات داخل المؤسسات والهيئات الرسمية وعلى الشارع بالجزائر، فبوتفليقة أبدى خلال سنوات مجيئه الأولى إلى قصر الرئاسة انفتاحا كبيرا على دولة المستعمر القديم خاصة اللُغوية والثقافية.
وجاء في مُراسلة رسمية: أن “أصحاب المحلات في الجزائر مُلزمون بتسوية وضعيتهم، بآجال لا تتعدي الأسبوع ابتداء من استلام نص المُراسلة”.
وتشهد الجزائر منذُ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير/ شباط الماضي، “حراكا سياسيا رسميا” يقوده عدد من الوزراء في حكومة نور الدين بدوي، يهدف إلى إحلال اللُغة الإنجليزية مكان الفرنسية في قطاعات عديدة أبرزها “التعليم العالي والبحث العلمي والتشغيل والضمان الاجتماعي “.
وباتساع دائرة الحرب على المشروع الثقافي اللغوي الذي وضعته فرنسا حتى يكفل لها بقاء المستعمرة القديمة تحت سطريتها، يكون الرهان الفرنسي على انخراط الجزائر في التنظيم الفرنكفوني قد سقط، فالجزائر لا تنتمي إلى منظمة الدول الفرنكفونية (الذراع الثقافي لفرنسا في مستعمراتها السابقة)، رغم نفوذ اللغة الفرنسية في البلاد حيث يعود استعمالها إلى بداية الاستعمار عام 1830.
وسلط مُؤخرا الإعلامُ الفرنسي الضوء على الحرب التي تدور رحاها بين الفرنسية والإنجليزية بالجزائر، ونشرت صحيفة “لُوموند” الفرنسية، تقريراً مُطولا تطرقت فيه للحديث عن الأسباب التي دفعت إلى بدء الحرب بين اللُغتين الفرنسية والإنجليزية في الجزائر.
وذكرت الصحيفة في تقرريها أنه “تم إحياء حرب اللغات بالجزائر بعدما أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري الطيب بوزيد مطلع الشهر الماضي، بدء العمل على وضع الآليات اللازمة لتعزيز استخدام اللغة الإنجليزية بالجامعات ومراكز البحث، على حساب اللغة الفرنسية، والذي قال بصريح العبارة: إنها لا تقود إلى أي مكان “.
وذكرت الصحيفة أن “الوزير نفسه أمر الجامعات الجزائرية باستخدام العربية والإنجليزية فقط بالمراسلات والوثائق الرسمية، كخطوة أولى لاستبدال اللغة الفرنسية بالإنجليزية في التعليم.
واعتبرت الصحفية الفرنسية أن التنافس القائم بين اللُغات هُو أداة سياسية يتم استخدامها بانتظام عن طريق السُلطة أو من طرف شرائح المُجتمع لتحويل الانتباه عن قضايا أكثر أهمية لمستقبل البلاد.
وسلطت الصحفية الضوء على رغبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على رد الاعتبار للغة الفرنسية منذ بداية عقده الأول وتوحيد تدريسها ابتداء من السنة الثالثة بالمرحلة الابتدائية.
ووجهت “لوموند” الفرنسية، انتقادات لاذعة للحكومة الانتقالية وتساءلت قائلة: “كيف تفرض حكومة انتقالية تواجه تحديا كبيرا من الشارع، سياسة لغوية جديدة على البلاد”، لافتة إلى أن الجزائر لا تزال غارقة في أزمة سياسية منذ خمسة أشهر”.