عمان1:قال رئيس الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) الأسبق، إفراييم هليفي، بمُناسبة مرور 25 عامًا على توقيع اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن، المعروف باتفاق وادي عربة، إننّي أرى خطرًا كبيرًا على اتفاق السلام مع الأردن، ولا أتهِّم المملكة بذلك، بل أُوجِّه أصابع الاتهام لإسرائيل. وأضاف الرجل، الذي قاد المحادثات والمفاوضات السريّة مع الأردنيين، والتي أدّت لتوقيع الاتفاق عام 1994، أضاف أنّه في السنوات الأخيرة ابتعدت الحكومات الإسرائيليّة على اختلافها عن المملكة الهاشميّة، بالإضافة إلى احتقار الأردن والتقليل من وزنه والاستخفاف به، وذلك في نفس الوقت الذي تحوّل وضع المملكة الجيو-سياسيّ إلى سيءٍ للغاية، وذلك بسبب الأحداث التي عاشتها المنطقة في السنوات الأخيرة، وبشكلٍ خاصٍّ الحرب الأهلية التي شهدتها سوريّة منذ العام 2011، والتي أدّت لنزوح أكثر من مليون سوريّ إلى المملكة، على حدّ قوله.
عُلاوةً على ذلك، كشف هليفي النقاب عن أنّ إسرائيل تنظر إلى الأردن على أنّها دولة لا مفّر لها إلّا الاعتماد على إسرائيل، وهذا خطأ، وهذا التصرّف بعينه، شدّدّ رئيس الموساد الأسبق، هو الذي يُهدِّد بشكلٍ خطيرٍ اتفاقية السلام المُوقعّة مع الأردن، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ إعلان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، عشية الانتخابات التشريعيّة الأخيرة، عن نيتّه ضمّ غور الأردن وشمال البحر الميّت للسيادة الإسرائيليّة، يُشكِّل عمليًا تهديدًا وجوديًا على الأردن، وعلى استقرار النظام الحاكم فيه، قال هليفي.
ولفت هليفي إلى أنّه بسبب تردّي العلاقات الثنائيّة بين عمّان وتل أبيب بسبب تصرّفات الدولة العبريّة، فإنّه يتعيَّن على الحكومة الإسرائيليّة التي ستُشكّل قريبًا في كيان الاحتلال، أنْ تتخِّذ العديد من الخطوات في مجال العلاقات مع الأردن من أجل إعادة السلام معه، علمًا، كما أكّد، أنّ الحدود الإسرائيليّة- الأردنيّة هي أطول حدودٍ لإسرائيل في الجهة الشرقيّة، والتي من شأنها أنْ تتحوّل إلى قضيةٍ خطيرةٍ جدًا، على حدّ قوله، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ الإعلان عن ضمّ غور الأردن يأتي بعد سنواتٍ طويلةٍ من علاقاتٍ متوترّةٍ بين الجانبين، وكلّ هذا التوتّر هو نتاج السياسة الإسرائيليّة فيما يتعلّق بالمملكة الهاشميّة، مُوضِحًا أنّ هذا الأمر، أيْ تحسين العلاقات مع عمّان، يُساهِم إلى حدٍّ كبيرٍ في إنجاح خطّة السلام الأمريكيّة، التي باتت تُعرَف إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، والتي سيتّم عرضها على الأطراف قريبًا، كما أكّد رئيس الموساد الأسبق.
وفي معرض ردّه على سؤال السفير الإسرائيليّ الأسبق في الأردن، د. عوديد عيران، ضمن ندوةٍ حواريّةٍ نظّمها مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابِع لجامعة تل أبيب، قال هليفي إنّ منح الأردن مسؤوليات عن المُقدسّات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس المُحتلّة، منذ توقيع اتفاق السلام عام 1994 كان هدفه خدمة المصالح الإسرائيليّة، مؤكّدًا في الوقت عينه على أنّه منذ توقيع اتفاق السلام بين الدولتين عام 1994 وحتى اليوم قامت المملكة الهاشميّة، بطلبٍ من أركان الدولة العبريّة، بالتدّخل في الأزمات التي اندلعت في المسجد الأقصى، وكان تدّخلها عاملاً أساسيًا في تهدئة الأوضاع، وعلى الرغم من ذلك، قال هليفي، إنّ حكومة تل أبيب لم تُكلِّف نفسها عناء توجيه الشكر إلى الملك، بل تجاهلته وتجاهلت التدّخل الذي قام فيه ومنع بذلك تطوّر الأزمات في الأقصى المُبارك، كما قال.
ورأى هليفي أيضًا أنّه على ما يبدو فإنّ الوصاية الأردنيّة على المقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة ليست واردةً في خطة السلام الأمريكيّة، أيْ (صفقة القرن)، مؤكِّدًا على أنّ هذا الأمر، إذا كان صحيحًا، هو خطير للغاية، وخطير أكثر بكثير ممّا نتصوّر، مُشيرًا في الوقت نفسه إلى أنّ حقيقة قيام إسرائيل بمدّ يدّ العون لإخراج هذا المُخطط إلى حيّز التنفيذ هو أيضًا يمّس مسًا سافِرًا بالمملكة الهاشميّة، لأنّ تل أبيب عمليًا تخرق خرقًا فاضحًا وواضحًا اتفاق السلام مع الأردن، وهذا تأكيدٌ إضافيٌّ على أنّ إسرائيل لا تأخذ الأردن بالحسبان بتاتًا، لا بل أكثر من ذلك، فإنّ الدولة العبريّة تقوم باحتقار الأردن بشكلٍ منهجيٍّ، علمًا أنّ الأردن بات دولةً معزولةً في الوطن العربيّ، وتحديدًا من المملكة السعوديّة التي أدارت ظهرها لها، وإسرائيل تتجاهل هذه التطورّات، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، تطرّق هليفي إلى “صفقة القرن” واصفًا إيّاها بأنّها ليست جديّةً بالمرّة وهي عمليًا خطّة قام بإعدادها مجموعة من الهواة، إذْ أنّ مَنْ قاموا بالعمل عليها هم مجموعة من الشخصيات التي تفتقِر لمعرفة الحدّ الأدنى من الأمور التي تتعلّق بالشرق الأوسط، واصفًا الخطّة بأنّها تعبيرًا حقيقيًا عمّا تُريده المملكة العربيّة السعوديّة لحلّ القضيّة الفلسطينيّة، كاشِفًا النقاب عن أنّ العلاقات الإسرائيليّة-السعوديّة جاءت مكان العلاقات بين تل أبيب وعمّان وعوضًا عنها، واختتم قائلاً: قيام إسرائيل بالتعاون مع العربيّة السعوديّة في العديد من القضايا جاء على حساب العلاقة مع الأردن، وهذه الإستراتيجيّة الإسرائيليّة تُشكِّل خطرًا كبيرًا على المصالح الإستراتيجيّة للدولة العبريّة، على حدّ قوله.