عمان1:قالت صحيفة (هآرتس) العبريّة، نقلاً عن مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، إنّ مشاركة رئيس المكتب السياسيّ لحركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) إسماعيل هنية في جنازة قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ قاسم سليماني، قد تؤدّي إلى ردود فعلٍ غيرُ متوقعّةٍ من إسرائيل ومصر، على حدّ تعبير المصادر، التي أوضحت في الوقت عينه للصحيفة العبريّة أنّ اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، وضع حماس في مأزقٍ كبيرٍ بين اختيارها لترتيبات التهدئة في قطاع غزة مع الاحتلال الإسرائيليّ، أوْ الدعم من الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، على حدّ قولها. يُشار إلى أنّ إسرائيل تؤكِّد دائمًا أنّ إيران تدعم عسكريًا حركتي حماس والجهاد الإسلاميّ في قطاع غزّة، وتقوم بإمدادهما بالسلاح والعتاد المُتطوّريْن.
بالإضافة إلى ذلك، قالت الصحيفة إنّ التأثير الاستراتيجيّ العسكريّ الإيرانيّ على حماس والجهاد قد يؤثر على ترتيبات التهدئة والاتصالات المُكثفة الجارية في الأسابيع الأخيرة بين إسرائيل وحماس بشكلٍ غيرُ مباشرٍ وبرعاية المخابرات المصريّة ومبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف.
عُلاوةً على ذلك، نقلت الصحيفة الإسرائيليّة عن مسؤولٍ في حركة (حماس) قوله إنّ الزيارة إلى طهران لم يكن منسقًا لها، بل تمّت على خلفية اغتيال سليماني، مشيرًا إلى أنّ هنية أبلغ القاهرة قبيل سفره إلى طهران، ورجح المسؤول عينه أنّ الزيارة المذكورة لهنية لا تلقى معارضةً مصريّةً، خاصّةً وأنّ مصر لا تتوافق بالضرورة مع الرؤية الإسرائيليّة بشأن إيران، وعلى نحوٍ خاصٍّ أنّ حركة (حماس) لا زالت متمسكةً بمبادئها التوجيهيّة واتفاقياتها مع القاهرة، بالإضافة إلى أنّ الحركة تُعرِّف نفسها على أنّها حركة تحرّر وطنيّ، كما قال المسؤول للصحيفة.
وطبقًا للصحيفة العبريّة، فقد قالت مصادر أخرى من حركة (حماس)، إنّ المحادثات الرامية إلى تحقيق الاستقرار والهدوء وصلت إلى مراحل متقدمّةٍ، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ هناك تسهيلات من الجانبين الإسرائيليّ والمصريّ والجميع يريد الاستمرار في ذلك، كما قالت الصحيفة العبريّة.
وأوضحت الصحيفة العبريّة، أنّ المعضلة ليست بسيطةً لهذه الدرجة، فحماس لا يُمكِن أنْ تتخلّى عن إيران وحزب الله من وجهة نظرها العسكرية الإستراتيجيّة، ولكن من ناحيةٍ أخرى تتحمّل الحركة مسؤولية 2 مليون مدنيّ-فلسطينيّ في غزة، ومصر لن تسمح لأحد بالتحكّم بمصيرهم، لذلك فإنّ الاتجاه الحاليّ هو الحفاظ على توازنٍ صارمٍ، والدليل على ذلك أنّ حماس والجهاد عبرّتا عن غضبهما وإدانتهما لعملية اغتيال سليماني، لكن لا أحد يُفكِّر بالرد عسكريًا، وفق ما ورد في الصحيفة.
وقال مسؤول مصري كبير للصحيفة، إنّ التقديرات بأنّ مصر لن تتخّذ على الفور إجراءات ملموسة ضدّ هنية وقيادة حماس، لكن قد يضطر هنية الانتظار فترةً طويلةً حتى يُسمَح له بالعودة إلى غزة، أوْ ألّا يُسمَح له بالسفر مجددًا خلال المستقبل القريب في حال عاد للقطاع وفكر بالسفر، كما قال المسؤول المصري للصحيفة العبريّة، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ مصر لن تقوم بتغيير سياستها، وبالإضافة إلى ذلك، ولا ترغب في كسر الصيغة الحاليّة بالحفاظ على الهدوء في غزة ومنع انهيار الوساطة التي تقوم بها لأجل ذلك.، على حدّ قوله.
وكان إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس، قد قال خلال زيارته لطهران للمُشاركة في تشييع الجنرال سليماني إنّ الأخير كان له دورًا مركزيًا ومحوريًا في دعم المقاومة الفلسطينية، معتبرًا في الوقت عينه أنّ المرحلة مقبلة على تغييراتٍ كبرى وستكون لصالح الأمّة الإسلاميّة، وفقًا لحديثه.
وأضاف هنية: العظيم في شخصية هذا الرجل أنّه كان يعمل مع المقاومة الفلسطينيّة ليس من موقع أنّ هناك دولةً إسلاميّةً تُسانِد، ولكن من موقع الانخراط المباشر والتحالف الاستراتيجيّ مع هذه المقاومة، على حدّ تعبيره، كما نقلت قناة (العالم)، خلال زيارة هنية لمنزل سليماني قائد فيلق القدس الإيرانيّ، في العاصمة طهران، لتقديم واجب العزاء لعائلته باغتياله فجر يوم الجمعة الماضي، بغارةٍ أمريكيّةٍ بالقرب من مطار بغداد الدوليّ.
هذا واعتبرت إسرائيل، عبر إعلامها، الزيارة بمثابة تحدٍّ لها ولمصر أيضًا، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ أقوال هنيّة لدى لإلقاء كلمته خلال التشييع ونعت سليماني بشهيد القدس، يدُلّ على أنّ حماس اختارت أنْ تكون في صفّ ما يُسّمى في الكيان “محور الشرّ” المؤلّف من إيران، سوريّة، حزب الله والمُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة.