في ذكرى يوم الأرض الفلسطيني

عمان 1 : أحداث يوم الارض الفلسطيني لم تتوقف عند الثلاثين من آذار 1976، فهي مستمرة كل نهاية آذار حتى عامنا هذا، فما زال الاحتلال و ما زالت سياسات المصادرة والاقتلاع والتهجير والمخططات المختلفة، سياسات تعمل ليل نهار على خنق الفلسطينيين والتضييق عليهم والتنيكل بهم، وازدادت ايضا التوجهات العنصرية التي تسعى إلى نزع شرعيتهم السياسية وشرعية وجودهم، كل يوم يمر على الفلسطيني في جميع انحاء فلسطين هو يوم أرض حتى يحررها من براثن الصهيوني.
يعتبر يوم الأرض حدثًا مهمًا في تاريخ الفلسطينيين، فللمرة الأولى منذ النكبة تنتفض هذه الجماهير الفلسطينية ضد قرارات السلطة الإسرائيلية المجحفة وتحاول الغاءها بواسطة النضال الشعبي مستمدين القوة من وحدتهم وكان له اثر كبير على علاقتهم بالسلطة وتأثير عظيم على وعيهم السياسي. وحتى اليوم يقوم الفلسطينيون (اينما كانوا) باحياء ذكرى يوم الأرض، يتم الاحتفال بها أيضا في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس الشرقية ومخيمات اللاجئين وفلسطيني الشتات في جميع أنحاء العالم، ويعتبرونه رمزا من رمز الصمود الفلسطيني.
وتعود أحداث يوم الأرض الفلسطيني الذي يحييه الفلسطينيون في 30 آذار من كلّ سنة ذكرى يوم الأرض الخالد، لآذار 1976 بعد أن قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع تقع ضمن مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة مطلقة، في الجليل وعرابة، على اثر هذا المخطّط قرّرت الجماهير العربيّة بالدّاخل الفلسطينيّ بإعلان الإضراب الشّامل، متحدّية ولأوّل مرّة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السّلطات الإسرائيليّة، وكان الرّدّ الإسرائيليّ عسكريّ شديد إذ دخلت قوّات معزّزة من الجيش الإسرائيليّ مدعومة بالدّبّابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينيّة(عرابة) وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيّين العزل.
لقد صادرت قوات الجيش الإسرائيلي من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل الأوسط منها عرّابة وسخنين ودير حنا (وهي القرى التي تدعى اليوم مثلّث يوم الأرض) وذلك في نطاق مخطّط تهويد الجليل. فقام فلسطينيو 1948 أو من يسمون فلسطينيو الداخل بإعلان إضراب عام وقامت مظاهرات عديدة في القرى والمدن العربية وحدثت صدامات بين الجماهير المتظاهرة وقوى الشرطة والجيش الإسرائيلي فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص 4 منهم قتلوا برصاص الجيش واثنان برصاص الشرطة. ورغم مطالبة الجماهير العربية السلطات الإسرائيلية بإقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش والشرطة بقتل مواطنين عُزَّل يحملون الجنسيّة الإسرائيليّة إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التّام بادعاء أن الجيش واجه قوى معادية.
وكان يوم الأرض أول هبة جماعية للجماهير العربية في فلسطين وأعلنتها صرخة احتجاجية في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد ، فقد تصرفت فيها بشكل جماعي ومنظم، حركها إحساسها بالخطر، ووجّه وعيها لسياسات المصادرة والاقتلاع في الجليل، خصوصا في منطقة البطوف ،عرابة، دير حنا وسخنين، وفي المثلث والنقب ومحاولات اقتلاع أهلنا هناك ومصادرة أراضيهم. في هذا اليوم، الذي يعتبر تحولا هاما في تاريخ الفلسطيني على أرضه ووطنه، سقط شهداء الأرض.
ما ميّز يوم الأرض هو خروج الجماهير لوحدها إلى الشوارع دونما تخطيط، لقد قادت الجماهير نفسها إلى الصدام مع المؤسسة الرسمية، حيث بلغ وعي الخطر الداهم على الأرض أوجه في يوم الأرض، وقد اقتربت الجماهير الفلسطينية في الثلاثين من آذار إلى إطار العصيان المدني الجماعي، فتصرفت لأول مرة كشعب منظم، استوعبت فيه أبعاد قضيتها الأساسية، ألا وهي قضية الأرض، فأعلنت الجماهير العربية، ممثلة بلجنة الدفاع عن الأراضي العربية الإضراب الاحتجاجي في منطقة المل - (منطقة رقم 9)تقع هذه الأرض ضمن مساحات القرى، سخنين وعرابة ودير حنا، وتبلغ مساحتها 60 الف دونم. استخدمت هذه المنطقة بين السنوات 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، مقابل دفع بدل استئجار لاصحاب الأرض- ضد قرارات اسرائيلية للاستيلاء على الاراضي الفلسطينية وذلك في تاريخ 30.3.1976.
وفيما يلي القرارات التي سبقت إعلان الإضراب:
1. صدور قرار بإغلاق منطقة المل (منطقة رقم 9) ومنع السكان العرب من دخول المنطقة في تاريخ 13.2.1976.
2. صدور وثيقة متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية (وثيقة كيننغ) في 1976/3/1 كاقتراح لتهويد الجليل واتخاذ إجراءات سياسية إزاء معاملة الاقلية العربية في إسرائيل.
وبعد الدعوة لإعلان الإضراب، عمدت السلطة إلى منع حدوث هذا الإضراب وكسره عن طريق التهديد بقمع المظاهرات والعقاب الجماعي، ولم تحاول السلطة الالتفات إلى الموضوع بجدية أكثر، بل سعت إلى إفشال الإضراب لما يحمل من دلالات تتعلق بسلوك الأقلية العربية كأقلية قومية حيال قضية وطنية ومدنية من الدرجة الأولى، ألا وهي قضية الأرض. فقد عقدت الحكومة اجتماعا استمر أربع ساعات تقرر فيه تعزيز قوات الشرطة في القرى والمدن العربية للرد على الإضراب والمظاهرات. وقامت قيادة الهستدروت بتحذير العمال وتهديدهم باتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم، وقرر أرباب العمل في اجتماع لهم في حيفا طرد العمال العرب من عملهم إذا ما شاركوا في الإضراب العام في يوم الأرض. كذلك بعث المدير العام لوزارة المعارف الاسرائيلية تهديدا إلى المدارس العربية لمنعها من المشاركة في الإضراب،وكانت أهم بنود الوثيقة:
1. تكثيف الاستيطان اليهودي في الشمال (الجليل).
2. إقامة حزب عربي يعتبر "أخا" لحزب العمل ويركز على المساواة والسلام.
3. رفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الامور العربية.
4. إيجاد إجماع قومي يهودي داخل الاحزاب الصهيونية حول موضوع العرب في إسرائيل.
5. التضييق الاقتصادي على العائلة العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل، وكذلك تخفيض نسبة العرب في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ.
6. تسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إليها.
وفيما يلي اسماء شهداء يوم الأرض في العام 1976
خير ياسين من عرابة.
رجا أبو ريا من سخنين.
خضر خلايلة من سخنين.
رأفت الزهيري من نور شمس.
حسن طه من كفر كنا.
خديجة شواهنة من سخنين.
حمى الاستيطان تشتد
ويواصل الاحتلال بكل آلياته وادواته مشاريعه الاستيطانية وسلبه للاراضي الفلسطينية عنوة دون حسيب ولا رقيب ويمكن تسمية ما يجري حاليا من استيلاء على الاراضي الفلسطينية - حيث يجتاح العالم فايروسا لا يعرف حدودا- باسم "كورونا الاستيطان" ، فقد صادق قبل يومين وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت على مشروع "طريق السيادة" الذي يفصل السفر والمواصلات بين الفلسطينيين والمستوطنين، ويربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس المحتلة.
وحسب "وفا" و"عرب48"سيتم الشروع بالإجراءات التخطيطية للمشروع بالشراكة بين وزارة الأمن ووزارة المواصلات التي ستشرف على تنفيذ المشروع الذي يهدف إلى ضمان حرية السفر والتنقل للمستوطنين، وأيضا مواصلة التوسع الاستيطاني في المنطقة.
ووفقا للمشروع، فالطريق الذي صودق عليه سيربط مستوطنة "معالية أدوميم"، المقامة على أراضي قرية الزعيم المحاصرة بجدار الفصل العنصري، بمدينة القدس.
ويدور الحديث عن طريق خاص لسفر وتنقل الفلسطينيين في المنطقة التي تعرف بـ"أي 1"، حيث يهدف المشروع إلى الفصل بالمواصلات والسفر والتنقل بين الفلسطينيين سكان المنطقة والمستوطنين.
وبموجب المشروع، سيكون بإمكان السكان الفلسطينيين السفر والتنقل بالسيارات، دون السفر واستعمال الطريق الذي يمر من مستوطنة "معاليه أدوميم" والمستوطنات في المنطقة.
ويضاف هذا المشروع إلى جدار الفصل العنصري الذي يحاصر قرية الزعيم شرقي القدس، وإلى المشاريع والطرقات الاستيطانية التي تفصل التجمعات السكنية الفلسطينية في منطقة القدس وجنوب الضفة الغربية عن بعضها البعض، وتضمن تواصل جغرافي بين المستوطنات ومدينة القدس.
وسيتسبب مشروع "طريق السيادة" بوقف التواصل الجغرافي والسكاني الفلسطينيين مع منطقة "إي 1"، علما أنه في السابق تم الشروع في شق طريق حزما عناتا والذي يمر شرقي منطقة "إي 1" والذي يربط بين المستوطنات في شمال الضفة الغربية وجنوبها، حيث تذرعت وزارة الأمن الإسرائيلية بأن هذه المشاريع تأتي لدوافع أمنية.
كما أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بننيامين نتنياهو في اليوم التالي لمصادقة بينيت أنه أصدر تعليمات ببناء 3500 وحدة سكنية استيطانية في المنطقة E1، الواقعة شرقي القدس المحتلة.
ويشار إلى أنه رغم وجود مخططات بناء استيطاني في المنطقة E1، منذ سنوات طويلة، إلا أن جميع الحكومات الإسرائيلية لم تنفذها بسبب معارضة دولية لهذه المخططات وضغوط مارستها الإدارات الأميركية السابقة على الحكومات الإسرائيلية. ومن شأن تنفيذ البناء الاستيطاني في هذه المنطقة أن يفطع التواصل الجغرافي بين جنوب الضفة الغربية وشمالها.
وقال نتنياهو خلال مؤتمر في القدس إنه "أصدرت تعليمات بنشر خطة بناء 3500 وحدة سكنية في E1. ونحن نبني في القدس وحول القدس. وقد أوعزت بالتنفيذ الفوري".
وأعلن رئيس بلدية القدس، موشيه ليئون، صباح اليوم، من خلال "تويتر"، أنه "يسرني أن أبشركم بأن 1077 وحدة سكنية أولى خرجت إلى حيز التنفيذ في غفعات همتوس".
وكان نتنياهو قد أعلن، الأسبوع الماضي، عن مخططات بناء 5200 وحدة سكنية استيطانية في القدس المحتلة، بينها 3000 وحدة لإقامة مستوطنة جديدة، يطلق عليها اسم "غفعات همتوس" قرب بيت صفافا، و2200 وحدة تشكل حيا جديدا في مستوطنة "هار حوما".
كما وأصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية في ذات الوقت أمرا بإخلاء مبنى في حي بطن الهوى ببلدة سلوان جنوبي القدس المحتلة، لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية، بزعم أن لأرض المقامة عليها البناية تعود لملكية يهودية.
وأصدرت محكمة الصلح قرارا يقضي بإخلاء بناية سكنية تعود لعائلتي عودة وشويكي، بعد رفضها الاعتراضات التي قدمتها العائلتان على البلاغات القضائية التي كانت قد تسلمتها من جمعية "عطيرت كوهنيم" عام 2018، وحاولتا من خلال الاعتراضات إثبات حقهما في الأرض والعقار.
وأوضح مركز معلومات وادي حلوة في سلوان ولجنة حي بطن الهوى في بيان مشترك، في بيان مشترك، أن المحكمة أمهلت العائلتين حتى منتصف شهر آب/ أغسطس المقبل لتنفيذ قرار الإخلاء المؤلف من طابق "مخزن" وطابقين علويين.
وأضاف البيان أن جمعية "عطيرت كوهنيم" بدأت منذ شهر أيلول/ سبتمبر عام 2015 بتسليم بلاغات قضائية لأهالي الحي، تطالب بالأرض المقامة عليها منازلهم، وذلك بعد حصول الجمعية عام 2001 على حق إدارة أملاك "الجمعية اليهودية" التي تدّعي ملكيتها للأرض.
وتقع البناية التي تضم عائلتي عودة وشويكة ضمن مخطط "عطيرت كوهنيم" للسيطرة على 5 دونمات و200 متر مربع من حي بطن الهوى في بلدة سلوان، بحجة ملكيتها ليهود من اليمن منذ عام 1881، وتدّعي الجمعية أن المحكمة العليا الإسرائيلية، أقرت ملكية يهود من اليمن سكنوا أرض بطن الهوى حتى العام 1938.
وأوضح البيان أن 84 عائلة (تضم نحو 700 شخص) تسلمت على مدار السنوات الماضية بلاغات قضائية للمطالبة بالأرض، وتخوض صراعا قضائيا في المحاكم الإسرائيلية لإثبات حقها بالأرض التي قامت بشرائها من أصحابها السابقين بأوراق رسمية.
وأصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية خلال الأسبوعين الأخيرين 4 قرارات إخلاء لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم"، الأول ضد عائلة الرجبي، والثاني ضد عائلتي دويك، والأخير ضد عائلتي عودة وشويكي.
وكما اشرنا سابقا ، فان المشاريع الاستيطانية التي تنهب حكومة الاحتلال بحجتها الارض مستمرة وبوتبرة اسرع من ذي قبل في العامين الاخيرين في ظل حكومة يمينية متطرفة لا تعرف الا السلب والنهب، مشاريع ومصادرات بالجملة.