هل قدّمت السعوديّة بياناتً مُزيّفةً بشأن ضحايا كورونا

عمان1:تتسارع خطوات الإجراءات الاحترازيّة السعوديّة، في مُواجهة الفيروس التّاجي العالمي كورونا “كوفيد 19″، حيث أعلنت وزارة الصحّة تسجيل 140 إصابةً جديدةً، وارتفاع عدد المُتعافين إلى 420، وإلى جانب ذلك الإعلان أعلنت الداخليّة السعوديّة تطبيق إجراءات احترازيّة جديدة، وصلت إلى منع التجوّل في سبع أحياء جديدة بمُحافظة جدّة، وشمول الدمام، والقطيف بالمنطقة الشرقيّة، بحظر التجوّل من الساعة 3 عصراً السبت، بدلاً من الساعة السابعة مساءً، وحتى السادسة صباحاً.
ويبدو أنّ السلطات السعوديّة، شأنها شأن باقي الدول التي تفرض حظراً على مُواطنيها، والمُقيمين فيها، تتعامل مع كسر للحظر، حيث أخيراً تداولت منصّات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمواطن سعودي خرق الحظر، وتواجد في محل للحِلاقة الرجاليّة، ووثّق تواجده هذا في مقطع فيديو، وتحديداً في منطقة القصيم، حيث مُقيم من الجالية الهنديّة يحلق له شعره، وجرى القبض عليهما، حيث علّقت السلطات أنشطة الحِلاقة الرجاليّة، منعاً لانتشار الفيروس، وهو ما يُعيد للأذهان مشاهد مُماثلة لكسر الحظر في بُلدانٍ مُجاورة.
ووسط الاتّهامات المُوجّهة للعربيّة السعوديّة، عدم إيقافها حرب اليمن، وسط تردّد أنباء عن وجود مُحادثات “يوميّة” مُباشرة مع الحوثيين، نفتها الرياض، في ظل تفشّي الفيروس القاتل، وعدم انفتاحها بالمُساعدات على إيران، كان لافتاً وإنسانيّاً على الصعيد الداخلي، توجيه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بتمديد “هويّة مُقيم” للوافدين داخل وخارج المملكة، وذلك مُراعاةً لظُروفهم خلال تفشّي كورونا.
وإنفاذًا للأمر الملكي، وكما نقلت صحيفة “سبق” المحليّة، بدأت المديريّة العامّة لإدارة الجوازات تمديد “هوية مقيم” الإقامة، وذلك لمُدّة ثلاثة أشهر من تاريخ 18/3، وحتى 30/6 العام الجاري، ودون مُقابل مادي، وبشكلٍ آليّ دون الحاجة لمُراجعة مقرّات الجوازات، وهي بادرة ملكيّة وفق مُعلّقين وضعت في حُسبانها تعطّل العالم، وأعمال الشركات الصغيرة، والمتوسّطة، وتوقّف رواتب العاملين فيها، وعدم قُدرتهم على سداد رسوم الإقامة المُستحقّة، وساوت بين المُواطن والمُقيم، وتأتي في ظل دعوات بدول خليجيّة أخرى، إبعاد الوافدين خلال أزمة كورونا، هذا عدا عن الأمر الملكي بمُعالجة الجميع من مُواطنين ومُقيمين ومُخالفين للإقامة المُصابين بالفيروس على نفقة الدولة.
وفي ظِل فرض حظر التجوال الجُزئي، وزيادة ساعات العمل به، يبدو أنّ السلطات السعوديّة قد تتّجه إلى فرض حظر التجوّل الكامل بجميع مُحافظات البلاد كاملةً، هذا عدا عن تحضيراتها للتّعامل مع انتشار الفيروس ضمن معركة طويلة حتى على صعيد المُقيمين، على خلفيّة القرار الملكي بتجديد هويّات المُقيمين لثلاثة أشهر مجانيّة ضمن إجراءات التعامل مع الكورونا، وعدم إحداث بلبلة في صُفوفهم، وطمأنتهم، خاصّةً أنّ بعض دول أولئك المُقيمين لا ترغب أو لا تستطيع جلبهم في ظل ظُروف إغلاق المطارات، والحُدود، وهو ما يشي بعدم انحسار الفيروس قريباً، سواءً على المُستوى المحلّي السعودي، أو العربي والعالمي.
السلطات السعوديّة أيضاً، بدا أنها بدأت التّلويح براية تعليق موسم الحج لهذا العام، كما فعلت قبله مع المُعتمرين، حيث دعا وزير الحج السعودي محمد صالح بنتن دول العالم إلى التريّث قبل القيام بأيّ خطط للحج، حتى تتضح الرؤية بشأن وباء كورونا، وأكّد بنتن أنّ المملكة على استعدادٍ لخدمة الحجّاج، ولكنّ الأولويّة هي للحِفاظ على سلامتهم، ويبدو أنّ رؤية الوباء ضبابيّة وغير واضحة مع تحذيرات منظّمة الصحّة العالميّة بأنّ خطره قادمٌ إلى الشرق الأوسط، كما لا ترغب المملكة الدخول في مسألة إعادة مبالغ تأشيرة الحجّاج، كما حصل واضطرّت لإعادة المبالغ لمن حصلوا على تأشيرة العمرة ولم يعتمروا، وهو ما أشار إليه وزير الحج، مُؤكِّداً إعادة المبالغ إلى الجهات المُتعاقد معها بشأن برامج العمرة.
ويتصدّر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، مشهد قيادة بلاده للمعركة ضد الفيروس القاتل، فيما يتفرّغ ولي عهده الأمير محمد بن سلمان لمعركة إنتاج النفط مع روسيا، وقد ظهر الملك سلمان بدايةً في خطابه الأوّل الذي خصّصه للفيروس وشكر فيه الأطقم الطبيّة، وتحدّث فيه عن مرحلةٍ صعبةٍ، ثم ترأس قمّة مجموعة العشرين الافتراضيّة التي جرى تخصيصها لمُواجهة كورونا، فيما تتوالى قراراته الملكيّة ضمن إجراءات التصدّي للفيروس، كان آخرها تخصيص 9 مليارات للمُنشآت المُتأثّرة بكورونا، وتصدّر الملك سلمان “المشهد الكوروني” وقيادته له بهذا الزّخم الإعلامي اللافت، فيها رسائل يقرأها مراقبون، تُفيد بنسف الشائعات التي تردّدت باستغلال الأمير محمد بن سلمان لأزمة الفيروس، وصُعوده على العرش، وتنازل والده له، أو حتى أنباء تراجع صحّة المليك السعودي.
وبالرّغم من توجيه منظّمة الصحّة العالميّة الشّكر للعاهل السعودي، على قراره مُعالجة جميع من على أراضي المملكة المُصابين بالفيروس، وعلى لسان مديرها تيدروس أدهانوم، يكون من المُستغرب للمُراقبين ورود اسم العربيّة السعوديّة في تقرير سرّي أعدته الاستخبارات الأمريكيّة للبيت الأبيض، يقول إنّ عدداً من الدول قدّمت “بيانات مُزيّفة” لضحايا الفيروس “كوفيد 19”.
ومن بين تلك الدول حسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكيّة التي كشفت عن التقرير، السعوديّة، ومصر، إلى جانب روسيا، الصين، وإندونيسيا، إضافةً إلى كوريا الشماليّة، وهو ما يطرح تساؤلات حول غاية المملكة من إخفاء أعداد المُصابين، وحقيقة اتّهامات ذلك التقرير، وسط كُل تلك الإجراءات الاحترازيّة الصارمة التي اتّخذتها السعوديّة، فيما لو قورنت مع غيرها من دول ورد اسمها في ذات التقرير، وتساؤلات أخرى بارتباط تلك الاتّهامات بعدم شفافيّة المملكة في قضايا أخرى، وهو ما يجعل ورود اسمها في ذلك التقرير الأمريكي، أمراً مفهوماً للبعض، ويضع علامات استفهام قد تكون سياسيّةً عند البعض الآخر.

زر الذهاب إلى الأعلى