البرنس .. قصّة مسروقة وسطحيّة تدفع البُسطاء للرقص ابتهاجاً بالانتقام
عمان1:يُشارف شهر رمضان على الانتهاء، وكما هو معهودٌ تترافق معه على الشاشات العربيّة، مُنافسة مسلسلات رمضانيّة، وقد يكون لافتاً لمُتابعي المشهد الدرامي، تصدّر الأعمال المصريّة هذا العام، على حساب السوري منها، واللبناني السوري المُشترك.
فيروس كورونا لعب دورًا كبيرًا في تأجيل مسلسلات ذات شعبيّة، أهمها مسلسل “الهيبة” لبطله النجم السوري تيم حسن، حيث لم يحصد هذا العام أي عمل سوري هذا التفاعل الكبير على المنصّات الافتراضيّة، كما فعل العمل المذكور على مدار ثلاث سنوات من عرضه رغم بعض الانتقادات التي طالته، كما وتسجيل بعض النفور من دراما الخليج، على خلفيّة عرض مسلسل “أم هارون” التطبيعي، ومخرج 7 السعودي الهزلي، والذي جرى إيقافه بحجّة عدم استكمال تصوير حلقاته.
بالنّظر إلى كل عمل لوحده، ومدى التفاعل على المنصات، وتصدّره كان لافتاً أنّ مسلسل “النهاية” قد حظي بالتفاعل حين تنبأ بزوال دولة إسرائيل في حلقته الأولى وتحرير القدس، ثم تعرّض لانتقادات واسعة على خلفيّة تشابه بعض مشاهده مع مسلسلات الخيال العلمي العالميّة، وعدم صلاحيّة البيئة المصريّة لمشاهد التطوّر التكنولوجي، حيث القاهرة الحاليّة، ومشاهد مُركّبة من العام المُتخيّل المُفترض 2120، ولعلّ مشهد تنبّؤ تحرير القدس الذي أثار حفيظة إسرائيل، وجمع معلّم بطلابه وهو يُخبرهم هو أبرز ما يُميّز المسلسل الذي أخرجه ياسر سامي، وألّفه عمرو سمير عاطف، حيث لم تثر أحداثه الجدل والتفاعل المرغوبين على مدار عرضه.
النجم الشاب محمد رمضان، ومسلسله الاجتماعي “البرنس”، حيث يحكي قصّة خلاف على ورث عائلي بعد وفاة الأب، الذي كان يُفضّل خلال حياته ابنه “رضوان البرنس” والذي يؤدّي دوره رمضان، وبعد وفاة الأب الذي ترك ميراثه لرضوان، على نيّة توزيعه بعد صلاح الأبناء، ولكن تتسارع الأحداث، ويرفض الأخوة من عدّة زوجات، ذهاب الميراث لرضوان، وهو ما يدفعهم للانتقام الدموي، الذي ينتهي بقتل زوجة رضوان وابنه، ورمي ابنته في الشارع، وهي قصّة تتشابه إلى حد كبير مع أحداث ما تعرّض له النبي يوسف، وظُلم أخوته له.
وبالرغم من الانتقادات التي تعرّض لها رمضان، واتّهامه بالتكرار، وانحصار أدواره بالشخصيّة الخيّرة التي لا بد من أت تتعرّض للخيانة والتآمر، وتعود للانتقام، على اختلاف دور الظالم، نجح رمضان بحصد تفاعل واسع وعريض من الجماهير الشابّة، التي وصل بها إلى الجلوس بأعداد كبيرة أمام الشاشة، وتتفاعل مع الأحداث، لدرجة الرقص والهتاف، حين جمع مشهد رضوان بشقيقه الأكثر شرّاً “فتحي” أحمد زاهر، وشقيقه في العمل “ياسر”، وقد تعرّضوا “لعلقة موت” كما يُقال في الدارج المصري.
مخرج “البرنس” محمد سامي، هو نفسه كاتب السيناريو والحوار، وهو متّهم بسرقة قصّة العمل من المحامي أحمد عبد الرحمن يوسف، والذي قال إنه حصل على ترخيص الملكيّة الفكريّة لقصّة فيلم كتبه بعنوان “صورة مهزوزة”، وليتفاجأ بعدها بقصّة المسلسل المأخوذ عن قصّته.
ومن زاوية نقديّة بحتة، يرى مُعلّقون، أنّ قصّة سامي، شابتها بعض الثغرات في الحبكة، حيث مشهد اختطاف ابنة رمضان في العمل من جدّيها على سبيل المثال، كان ساذجاً، فالبرغم من معرفة الجدّين أنّ فتحي شقيق رمضان في العمل تسبّب في مقتل زوجة رضوان، وطُغيان الغضب على ملامح الجد خلال زيارة فتحي له، إلا أنّهما وبكل بساطة يُقدّمان الشاي للضيف القاتل لزوجة رمضان، لينتهي المشهد فجأةً بتخدير الجد والجدّة، بعد أن تبيّن وضع مخدّر لهما في الشاي، وثم اختطاف الفتاة، هذا عدا عن سطحية المشاهد، وتقديم فرضيّة انتصار الخير على الشر، كما لو أنّ المشاهدين جميعاً من البسطاء، ويبدو أنّ المسلسل نجح في خداع البسطاء المصريين، فنجم العمل محمد رمضان، يُباهي منذ بدء الموسم الرمضاني بتصدّره محرّكات البحث، ووسوم “تويتر”، وعبارته الشهيرة “نمبر ون”.
أمّا مسلسل “الاختيار”، بطولة أمير كرارة، فهو يحكي قصّة حياة قائد الكتيبة 103 صاعقة في الجيش المصري العقيد صابر أحمد منسي، والذي قتل في كمين مربع البرث مدينة رفح شمال سيناء، وهو مسلسل استطاع أن يحظى بمتابعة واسعة، لكنّه سجّل مآخذ سياسيّة كثيرة، حين يلحظ المُتابع له، كيفيّة الترويج لمآثر المؤسّسة العسكريّة المصريّة، وتضحياتها، مُقابل ربط الإرهاب بالإسلاميين، وشيطنتهم تماماً، وتقديم فترة حكم الرئيس المصري المعزول الراحل محمد مرسي بأنها فترة مُتشدّدة، شديدة الإضرار والتآمر بمصر، هذا عدا عن ربط الفترة بقناة الجزيرة القطريّة التي لا يُشاهد غيرها أتباع الرئيس الراحل مرسي، ويكون لافتاً أنّ عائلة العقيد منسي، رفضت الزج باسمه واستغلاله لصالح مُنجزات الجيش، ورفعت دعوى قضائيّة لمنع عرضه، وهو ما يضع العمل في سياق الإسقاط السياسي، أكثر من الدرامي الهادف.
والمسلسل الذي نجح أيضاً في تصدّر المنصّات بحلقاته المعروضة أخيرًا، مسلسل “الفتوة”، والذي تدور أحداثه في أحياء شعبيّة، يتزعّم كل واحدة منها “فتوة” يتحمّل مسؤوليّة حماية الأهالي، وتتشابه قصّة العمل إلى حدٍّ كبير مع “روبن هود”، حيث بطل العمل النجم ياسر جلال (حسن الجبالي)، يتلثّم، ويقوم بسرقة “الأتاوات” ويُعيدها للفقراء، ويحمي المظلومين، وهو ما يُشبه دور هود الذي كان يسرق الأغنياء، ليُساعد الفقراء.
ويحمل العمل رسائل لعودة الأخلاق والفضيلة، حيث بطل العمل (الجبالي) صاحب مبدأ، وعادل، ومُؤتمن على مال شقيقته حتى في غيابها، ويحترم والدته، ويُشفق على ابنته اليتيمة، حتى أنه يكره حياة الليل، ونساء الحانات، وينتصر للمظلوم، ويعشق بعذريّة واحترام، وهي لعلّها دعوة صريحة من صنّاع العمل لعودة تلك الأخلاق، وأصحاب الشهامة، في مجتمعات، باتت تسودها الرذائل، وقلّة المراجل، واللصوصيّة، وتجبّر القوي على الضعيف، والبقاء للأقوى، وبالرغم أنّ شخصيّة الجبالي قد تكون أفرطت في مثاليّتها بعض الشّيء خلال العمل، مقابل إفراط الدراما عُموماً أيضاً في تقديم أدوار الخلاعة، والخيانة، والشخصيّات الشيطانيّة، والتي باتت كأنها تُمثّل شخصيّات المجتمع كافّة دون تمييز.