اموس يادلين: مخطط الضمّ ينطوي على 3 غلطات فادحة بالنسبة لـ"إسرائيل"

ulhk1:تواصل جهات "إسرائيلية" غير رسمية التحذير من نتائج كارثية مترتبة على إحالة السيادة في أراض فلسطينية، آخرها تحذير رئيس معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب الجنرال بالاحتياط عاموس يادلين من تبعات مخطط الضمّ، الذي أكد أنه ينطوي على 3 أخطاء فادحة بالنسبة لكيان العدو، معتبرا قيام دولة فلسطينية مصلحة "إسرائيلية" وآملا أن يسارع البيت الأبيض لتغيير المسار.
ففي ندوة نظمها معهد دراسات الأمن القومي بمشاركة باحثين صهاينة قال يادلين: “نحن نعرف كيف نقوم بخطوات تنطوي على مخاطرة وتقتضي التجوال داخل حقل ألغام ولكن شرط أن يكون الهدف واضحا مبررا وواقعيا ويصيغ مسيرة إستراتيجية ويأتي بنا لـ"إسرائيل" التي نريدها: دولة يهودية ديموقراطية آمنة وأخلاقية”.
واعتبر أن خطوة “فرض السيادة هي خطوة بالاتجاه المعاكس وتأخذ إسرائيل لطريق من 30 % إلى 100 % ضم وعندئذ ستتحول لـ دولة غير يهودية أو غير ديموقراطية وبشكل مفاجئ دولة أقل أمانا”.
وردا على الباحث الجنرال بالاحتياط غرشون كوهن الذي يؤيد الضمّ ويشير إلى قدرة (تالكيان) على القيام بهذه الخطوة محليا وعالميا تابع يادلين: “صديقي غرشون: نحن لسنا الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين الذي يستطيع أن يفعل أشياء لا نستطيع فعلها، فنحن لسنا أعضاء في مجلس الأمن ولا نملك حق النقض الفيتو. نحن دولة صغيرة ينبغي أن تصغي لما يجري في العالم، وما يجري في العالم منذ 1967 هو الاعتراف والوعي بأن المتهم بـ "عدم وجود سلام هم الفلسطينيون". هذا ليس اعترافا عالميا لكنه اعتراف لدى العالم المهم الذي يعنينا وهو في نهاية المطاف الذي يفرض في مجلس الأمن فيتو ضد قرارات تفرض انسحابنا من كل هذه الأراضي".
خسارة الرواية
وشدد يادلين على أن هذا الضمّ يمكن أن يدفع "إسرائيل" نحو وضع فيه لن يصدق أحد في العالم بأن الفلسطينيين هم المتهمون بسبب فقدان اتفاق سلام وأضاف: “بعد هكذا ضم فإنه حتى مزاعمنا الأمنية التي قبلها العالم حتى الآن لن تبقى (مزاعم شرعية). صحيح أننا لم نأت للبلاد كي نقيم دولة في منطقة تل أبيب لكن هناك مناطق في البلاد فارغة من السكان كـ النقب والجليل ولسنا ملزمين بالاستيطان في المناطق التي يقيم فيها الفلسطينيون بالذات. وإن كنت راغبا جدا بتعزيز قوة إسرائيل فعلينا زيادة الاستيطان في الجليل والنقب".
تبدل الرئيس والموقف في واشنطن
واعتبر أيضا أن إحالة السيادة في ثلث الضفة الغربية خطوة إشكالية جدا وأن القيام بها يحتاج لـ أمرين اثنين: بقاء (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب رئيسا للأبد لا حتى 2024 فقط لأن الرؤساء يتبدلون. ويضيف بهذا المضمار وبلهجة ساخرة: “بحال قدم رئيس ديموقراطي ستنتهي عملية الضمّ هذه وسنشهد قرارا أمميا يقول إن الحدود بيننا وبين السلطة أو الدولة الفلسطينية هي حد 1967 ، وهذا يعني بالتالي أنه سيسبب ضررا إستراتيجيا "لإسرائيل". الأمر الثاني هو يمكن أن يأتي الدعم من جهة أشخاص يؤمنون بأن ما نعلن عنه هو أن الله يرسم حدا على الأرض ولا يمكن بعدها الانسحاب منه وهذه فرضية ضعيفة.
نعم لدينا رئيس أمريكي يرى مثلنا التهديدات الأمنية على "إسرائيل" وكذلك مصالحها وهو سيبقى 6 شهور أو 4 سنوات ونصف. ورئيس حكومتنا نتنياهو يعتقد أنه باق على ما يبدو 6 شهور فقط في الحكم ولذا فهو مستعجل للقيام بخطوة تترك موروثه السياسي المتمثل بالضمّ”. ويعتقد يادلين الذي شغل رئاسة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال في الماضي أن هذا الضمّ الذي قدّمه ترامب هو جزء من “خطة سلام” عمادها يقوم على دولتين متجاورتين إحداهما دولة فلسطينية عاصمتها بجوار القدس وتضاف لها 15% من النقب.
خطأ مزدوج
وقال إن هذه الخطوة بضم 30% من الضفة الغربية التي يقودها نتنياهو تنطوي على خطأ مزدوج: أولا يمس بمسعى مهم جدا تقوده "إسرائيل" ضد إيران لوقف المشروع النووي الإيراني، منبها أنه بعد الضم لن يتغير الواقع على الأرض لكن الإيرانيين سيمضون بسرعة نحو القنبلة النووية ولذا إن رغب نتنياهو الاستفادة من صداقته مع ترامب فالمطلوب منه الآن هو الذهاب للبيت الأبيض والمطالبة بما يرتبط بـ إيران لا بالضفة الغربية. ويتابع: “على الأرض لن يتغير شيء، هناك مخاطر كبيرة، سياسية أمنية واقتصادية والخطوة غير أخلاقية والنتيجة صفر. بعد شهور أو أربع سنوات فإن الضم النظري هذا لن يكون له أي قيمة عملية. سياسيا لا توجد دولة في العالم عدا أمريكا ترامب ستقبل هذا الضم وتعترف به وستتم إدانة "إسرائيل" بكل المحافل الدولية وستبادر واشنطن تحت رئيس ديموقراطي لـ إلغاء هذا الضمّ وستؤكد الأمم المتحدة على حدود 1967 كحد نهائي بيننا وبين الفلسطينيين".
الضمّ يستبدل الخطر الإيراني
ولأن "إسرائيل" تسعى لحشد العالم ضد مشاريع إيران من التموضع في سوريا إلى بناء سلاح نووي فإن (الكيان)، برأيه، سيجد نفسه أمام انشغال عالمي مختلف: “العالم اليوم مشغول بـ الكورونا وتبعاتها الاقتصادية بطريقة غير مسبوقة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929 ولديه قدرة على الإصغاء لقضية أخرى، وإن طرح قضية الضّم بدل إيران خطأ سياسي كبير. ثانيا هذه غلطة أمنية كبيرة… لا بد من التذكر بأن من يسيطر بالأغوار من الناحية الأمنية هو ليس الجيش الأردني، هي الوحدة العسكرية في جيشنا منذ عقود، لذلك لا يوجد هنا أي تغيير أمني، بالعكس: ربما نتعرض لتدهور في الضفة أو على جبهة غزة أو وقف العلاقات الأمنية الحيوية مع الأردن وهذا ما يحذر منه كل الوقت زميلنا الجنرال بالاحتياط عاموس غلعاد".
حدود بطول 1800 كم
كما قال إن جيش الاحتلال يحتاج اليوم لكل دولار لتطبيق خطته الخماسية “تنوفا” والاستعداد لمواجهة إيران وتلبية التحديات في الشمال ولا مبرر الآن لدفع قوات كبيرة للضفة الغربية، معتبرا أن “هذه غلطة أمنية”. أما الغلطة الثالثة المتجسدة في الضم فهي برأيه اقتصادية، لأن “الاتحاد الأوروبي شريك تجاري أساسي وهو يهدد بالمساس بالتعاون معنا اقتصاديا، وأذكر أن نتنياهو بحكومته السابقة وافق مرة على عدم القيام بخطوات داخل الضفة الغربية كي لا نخسر منحا مالية أوروبية. لكن أكثر من ذلك نلاحظ أن خريطة الضم لـ 30% تقتضي وجود حدود جديدة بطول 1700 كم وهذا عبء اقتصادي كبير لأن هذا يعني بناء جدران جديدة أو دوريات أمنية متتالية مكلفة بمليارات”.
السلطة الفلسطينية لن تسلم مفاتيحها بسرعة
ويعتقد يادلين أن السلطة الفلسطينية لن تسلم مفاتيحها بسرعة لأنها لن تتنازل عن مشروع وطني وعن مليارات اليوروهات، ولكن بحال تم ذلك فهذا ربما يحدث مع مغادرة (محمود عباس) أبو مازن أو مع حوادث أخرى وهذا ينطوي على تكاليف اقتصادية هائلة لأن "إسرائيل" ستتحمل مسؤولية إدارة شؤون ملايين الفلسطينيين.
ولم يكتف بذلك يادلين فقال ملخصا: “في الخاتمة لا بد من التطرق للناحية الأخلاقية: مقابل إيران نحن في موقف قوي جدا فالعالم يرفض تهديداتها بإبادة "إسرائيل" وأخلاقيا الضم العالم لا يقبله أيضا، لأنه يرى بحق الفلسطينيين بتأسيس دولة خاصة بهم. لست ساذجا وأعرف لماذا لا يوجد للفلسطينيين دولة.. بسببهم لا بسببنا ولكن يحظر علينا أن نبدو أننا السبب وعلينا بذل كل جهد كي تكون للفلسطينيين دولة".
وأضاف: “للتلخيص أقول، هذا الضمّ الواسع مضاد للصهيونية. حتى لو لم ترافقه أي مخاطر. عندما حذر كثيرون من خطوة نقل السفارة الأمريكية للقدس قلنا وقتها بمهنية إن هذه التهديدات لن تحدث ولكن اليوم المخاطر أكبر. لكن حتى لو كانت العملية هذه بدون أي مخاطر فهي خطوة في غير صالح "إسرائيل" لأنها ضد الموقع الذي تريد أن نصل إليه: دولة يهودية ديموقراطية آمنة عادلة”.
ومن هنا يستنتج يادلين أنه بالحد الأقصى ينبغي القيام بـ إحالة السيادة المحدودة جدا فقط على الحد الأدنى في صلب الإجماع "الإسرائيلي" مثل ضمّ كتل الاستيطان غربي الجدار والذي حتى الفلسطينيين يدركون أنه لن يكون ضمن دولتهم وهو في صلب الإجماع "الإسرائيلي" ويمكن أن يوافق عليه رئيس أمريكي.
الفيتو أمريكي فقط
وقال أيضا: “بالمناسبة المفتاح هنا في واشنطن لأنه في الاتفاق الائتلافي بين “الليكود” و”أزرق- أبيض” فإن الموضوع الشاذ هو موضوع الضم من ناحية عدم وجود فيتو لـ”أزرق- أبيض” وكذلك من ناحية الـ 6 أشهر الأولى التي تكرس لمكافحة الكورونا عدا موضوع الضمّ”. ويرى يادلين أن من يستطيع فرض الفيتو هم الأمريكيون كما ورد في الاتفاق الائتلافي. وتابع: “أعتقد وآمل أن يدرك الأمريكيون أن ضم 30% ينطوي على ضرر أكثر من منفعة لهم ولنا فهو يبعد العرب الذين تريد واشنطن دعمهم للصفقة ويؤدي لإخراج خارج الإجماع "الإسرائيلي"، ولذلك أعتقد أن يستنتج البيت الأبيض أنهم يريدون ضما لكن بنسب قليلة وربما يقبلون خطة معهد دراسات الأمن القومي: الاحتفاظ بخيار الدولتين، نعم لمفاوضات مع الفلسطينيين.
نحن نأتي مع “صفقة القرن” وهم يأتون مع “المبادرة العربية” ونمنحهم فرصة جديدة للتوصل لاتفاق أو إظهار الجانب الفلسطيني كـ "رافض للسلام"، ولكن عليهم أن يفهموا أن الوقت لا يلعب لصالحهم وعليهم أن يدركوا أنه في كل مرة يرفضون المفاوضات سيكون بوسع "إسرائيل" القيام بخطوة تحتفظ من خلالها على فرصة الدولتين وعلى المكان الذي نريد أن نصل إليه “دولة يهودية ديموقراطية وآمنة وأخلاقية"
وكالة القدس للأنباء