تسميم المراعي وتلويث المياه الجوفية يهجّر رعاة الأغوار

عمان 1 : بدا أحمد حسن الزواهرة (67 عاماً)، من بلدة العوجا شمال شرقي أريحا مؤخرا في حالة ذهول وهو يتفقد قطيعه الذي نفق منه عشرات الرؤوس جراء تسميم المستوطنين المنطقة الرعوية التي اعتادت الرعي فيها.
وحسب تقرير محمد بلاص قال الزواهرة: إن نحو 60 رأساً من المواشي نفقت بعد أن رش مستوطنون سموماً في المراعي التي كانت ترعى فيها، في حين يهدد خطر النفوق معظم القطيع الذي يمتلكه ويعتبر بمثابة مصدر الرزق الوحيد لعائلته، فيما رجح رئيس قسم المياه في بلدية العوجا جهاد شبنات، زيادة العدد في ظل وجود رؤوس ماشية في وضع صحي حرج للغاية جراء السموم والمخلفات الزراعية السامة التي ألقاها المستوطنون.
ووفق المزارع الزواهرة، فإن أغنامه كانت ترعى في المكان الذي ترعى فيه كل يوم منذ سنوات طويلة، وبعد عودتها إلى حظائرها نفقت العشرات منها وأعداد منها في وضع صحي صعب للغاية.
وأكد الناشط الحقوقي عارف دراغمة، وجود العشرات من مكبات النفايات الزراعية للمستوطنات قريبة من المراعي والتجمعات السكانية في مناطق متفرقة من الأغوار بما في العوجا، وهذه المكبات كما أوضح دراغمة غير مسيجة ولا تحمل لافتات تشير إلى وجودها، بشكل يهدد قطاع الثروة الحيوانية الذي يعتبر بمثابة العمود الفقري للاقتصاد الغوري ويشكل مصدر الرزق الوحيد لمئات العائلات البدوية.
وقال دراغمة: «إن المكبات الإسرائيلية المخصصة للنفايات تعتبر وسيلة حيوية لتدمير الزراعة الفلسطينية، وتعتبر في الوقت ذاته وسيلة لتخلص المستوطنات من أبرز النفايات الخطرة الضارة بعيداً عن محيطها البيئي، فتتعمد إلقاءها في المراعي الخضراء وبالقرب من التجمعات السكانية الفلسطينية».
وأكد أن من أخطر تلك المكبات ذلك الذي يقع على مسافة أربعة كيلومترات شرق قرية الجفتلك، وعلى مسافة ثلاثة كيلومترات عن مستوطنة «مسواة» شمال مدينة أريحا، على اعتباره من أكبر مكبات النفايات الإسرائيلية ليس فقط في الأغوار بل على مستوى الضفة الغربية.
وبحسب قسم صحة البيئة في محافظة أريحا، فإن ذلك المكب يقع في وسط الأغوار الشمالية في منطقة قريبة من الحدود الأردنية - الفلسطينية، حيث تمت إقامته على قطعة من الأرض أقدم الاحتلال على الاستيلاء عليها تحت بند ما تسمى أغراض عسكرية.
وتبلغ مساحة المكب، قرابة 150 دونماً، ويتم نقل النفايات إليه من مختلف المستوطنات المقامة في الأغوار، بالإضافة إلى قسم آخر من داخل الخط الأخضر، مع الإشارة إلى أن تلك النفايات تحتوي على عدد كبير من المعادن وكميات كبيرة من المواد العضوية في تركيبتها، بحسب ما أكده مركز أبحاث الأراضي في القدس.
وأشار المركز إلى أن طاقمه ورغم العقبات والأخطار المحدقة تمكن من الوصول إلى موقع المكب على الحدود الفاصلة مع الأردن، حيث تمت معاينة الموقع والمناطق المحيطة، وتبين انبعاث غازات كثيفة صادرة عن النفايات المتخمرة، عدا الروائح الضارة والكريهة التي تملأ المكان.
وأضاف: «حتى الأشجار القريبة، لوحظ تأثرها بشكل ملحوظ جراء المخلفات وما تتركه من أثر سلبي على نمو النباتات والتنوع البيئي في المنطقة».
وأوضح المركز أن المكب قائم بالأساس على الحوض المائي الشرقي من فلسطين، حيث تتكدس النفايات وتتخمر في الأرض، وعلى مدار ما يزيد على 20 عاماً، من البديهي التحدث عن أن عصارة النفايات وصلت إلى أعماق كبيرة من التربة، ما يهدد تلوث مصادر المياه الجوفية التي تتميز بها مناطق الأغوار.
وتابع: «يشكل غاز الميثان المتسرب من عصارة النفايات المتخمرة مصدر تلويث للهواء الجوي وحتى الكائنات الدقيقة في محيط المكب، وكذلك الروائح القاتلة المنبعثة من المكب تشكل أكبر ضرر على الوضع الصحي والبيئي في المنطقة، في ظل استهتار إسرائيلي واضح بحياة الفلسطينيين الذين لا يزال الاحتلال ينظر إلى حياتهم ببالغ الاستهتار، فالنفايات تتكدس، والبيئة تدمر والإنسان الفلسطيني يصاب بالأمراض المزمنة والخطيرة، والاحتلال الإسرائيلي غير مبال، وهذه المعادلة التي باتت توصف اليوم في ظل احتلال غاصب لا تردعه المواثيق والأعراف الدولية ومبادئ حقوق الإنسان».
«الايام الفلسطينية»