بعد اغلاق طويل.. القدس المحتلة تختـــال بـالحشـود

عمان 1 : ارتدّت الروح للجسد، وعاد قلب القدس ينبض، وأعيد فتح المسجد الأقصى المبارك، بعد إغلاق دام لعدة أشهر، لمنع تفشي وباء «كورونا»، وبدت مدينة الأنبياء تختال بالحشود الحاشدة، وهي تستقبل الوافدين إليها لأداء صلاة الجمعة، والإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف.. كانت توزّع ابتساماتها الساحرة في كافة الإتجاهات والمناحي، وتتباهى بعزوتها، والمدد الذي أتاها من كل فجّ عميق، ولسان حالها يقول لمحتليها وغاصبيها.. «ها هم ناسي وأهلي ولن ينقطعوا عني».
وما أن فتحت الأبواب، حتى اندلق أهل القدس ومن تمكّن من الوصول إليها من المناطق الفلسطينية الأخرى، إلى ساحات ومصليات ومصاطب المسجد الأقصى المبارك، وقد طغت الفرحة على وجوههم، وأضفت الأجواء في نفوسهم بهجة مختلفة، امتلأ بها الناس، فراحوا يرددون الأهازيج الدينية والمدائح النبوية فرحين مستبشرين.
وعكست حالة الالتفاف هذه حول مسرى رسول الله، التي رسخها أهل القدس، جزء أصيل من موروثهم الديني والطني، الذي يصرّون على غرسه في نفوس الأجيال، ما يعزز في الأذهان، القيم الأصيلة التي يحافظ عليها المقدسيون، ويتمسكون بها، وربما ينفردون عن سواهم بها.
وانعكس فتح المسجد المبارك، على أسواق البلدة القديمة في القدس المحتلة، فبدت وهي تعجّ بالمواطنين، في مشاهد لا تتكرر إلا في المواسم والأعياد، ما أتاح للتجار، فرصة تعويض المناسبات الماضية، كشهر رمضان والعيدين بعض الشيء.
ويعتبر المسجد الأقصى، جزءاً من المشهد العام لمدينة القدس المحتلة، ودلالة على قدسيتها ومكانتها الدينية، فهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ويُجسد مع قبة الصخرة المشرفة، وكنيسة القيامة، أبرز معالم المدينة المقدسة، ويقدّم الدليل الواضح على حضارتها العريقة.
وتعدّ البلدة القديمة من القدس المحتلة، والتي تضم داخل أسوارها المقدسات الإسلامية والمسيحية، من أهم المناطق في العالم، وعطفاً على هذه الأهمية، فقد أعلن عنها كمنطقة أثرية ومحمية عالمية، وُضعت ضمن قائمة التراث الحضاري العالمي.
وفي حارارتها وأزقتها الضيقة والقديمة، تظهر آثار العصور المختلفة، التي وَضَعت المدينة في دائرة الإستهداف منذ احتلالها العام 1967، حيث استخدم المحتلون، سياسة الخطوة خطوة في اقتلاع أهلها من بيوتهم تهميداً للإستيلاء عليها، غير أن أهل القدس وفلسطين، ومن خلفهم القيادة الهاشمية، صاحبة الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، أفشلوا كل مخططاتهم، ونجحوا في رد أطماعهم، ويكفي أن نستذكر معارك «البوابات الإلكترونية» و»مصلى باب الرحمة» للدلالة على صحة هذا المنطق.