أزمة مواقف السيارات في العاصمة ومسؤولية أمانة عمان الكبرى
أمانة عمان , وأزمة مواقف السيارات
المحامي محمد الصبيحي
أختنقت شوارع عمان بالسيارات , فيما أزدهرت تجارة مواقف السيارات سواء قطع الاراضي التي يستثمرها أصحابها كمواقف , أو مجموعات العاملين أمام المطاعم والفنادق والمقاهي لتسلم السيارات من الزبائن وتأمين أصطفافها , ولم يعد بالامكان تأمين موقف لسيارتك اذا ام تدفع دينارا واحدا على الاقل - هذا ان وجدت موقفا - .
لقد فقدت بعض الشوارع قيمتها التجارية التي كانت مزدهرة بسبب عدم تمكن الزبائن من الاصطفاف في مكان قريب والنتيجة خسارة متاجر لقيمتها التجارية بعد أن كانت تقدر بعشرات الالاف من الدنانير ( بدل خلو ) .
وفي هذا الامر تلقى اللائمة كليا على أمانة عمان الكبرى بسبب غياب التخطيط الاستراتيجي الشالمل لقضية المرور في شوارع العاصمة , ففي الوقت الذي كان فيه أمناء عمان السابقون يصرفون جهودهم لحل قضية التقاطعات المرورية وانشاء الانفاق والجسور , لم يخطط أحد منهم لقضية تأمين مواقف سيارات للناس , بل وأستفحلت مخالفة القانون بترخيص مبان دون توفير مواقف سيارات مقابل أستيفاء بدل مواقف , وكان الاهتمام ينصب على جمع الاموال من بدل المواقف دون تأمين مواقف خلافا لأحكام نظام الابنية الذي لايجيز أستيفاء بدل مواقف الا في حالة عدم توفر الامكانات الفنية أو الانشائية لتخصيص مواقف سيارات ضمن المبنى كأن يكون واقع قطعة الارض أو مساحتها أو وجود بناء قديم عليها يستحيل معه فنيا تأمين مواقف سيارات .
وفي نظام الابنية لمدينة عمان نص يلزم الامانة بوضع المبالغ التي تستوفى من المواطنين كبدل مواقف في صندوق خاص لأنشاء مواقف , وهو نص الفقرة ب من المادة 19 من النظام التي تقول ( تخصص المبالغ التي تستوفى بدل مواقف بانشاء مواقف عامة للسيارات في صندوق خاص لهذه الغاية ) .
ان صندوق المواقف المشار اليه غير موجود عمليا الا على الورق أي مجرد قيد في الحسابات المالية لأمانة عمان وتستوفى على المبالغ فوائد بنكية منذ سنوات طويلة ولا أحد يعرف كيف كانت تسجل تلك الفوائد ؟؟ وهل كانت تضاف الى الرصيد ؟!
لقد تجمعت ملايين الدنانير في صندوق المواقف ولكن أحدا من أمناء عمان لم يفكر في تحويل هذا الصندوق الى دائرة ضمن دوائر الامانة يكون تخصصها أستثمار بدل المواقف وشراء أو أستملاك اراض خالية في وسط وغرب عمان وتجهيزها كمواقف وأستثمارها لهذه الغاية , ولا أعتقد أنه تم شراء أو أستملاك أي قطعة أرض لحساب صندوق المواقف منذ سنوات طويلة .
وفي الثمانينات والتسعينات كان صندوق المواقف يحتوي على عدة ملايين من الدنانير وكانت أسعار الاراضي رخيصة ولم يتم أستثمار الصندوق لشراء موقف سيارات واحد , بينما صرفت عشرات الملايين لبناء جسور وأنفاق ساهمت في تصريف أزمة المرور بنقلها من مكان الى مكان أخر , وأغلب ظني أن أموال صندوق المواقف لم تكن أكثر من رقم على الورق غير موجود عمليا كنقد في البنوك , وليس سرا أن أحد مجالس الامانة السابقين كان قد قرر الموافقة على تنسيب من أمين عمان في حينه لأقتراض عدة ملايين من حساب صندوق المواقف الى حساب النفقات الجارية , وهي مخالفة قانونية ناهيك عن أنها عملية نقل حسابي على الورق فقط .
هناك بين خبراء المرور من يقول أن نصف أزمة السير في عمان تتعلق بالاصطفاف على جنبات الشوارع الرئيسية وأمام المراكز التجارية بسبب عدم توفر مواقف سيارات ومن هنا فان أبتكار حلول أبداعية من قبل أمانة عمان لأزمة المواقف بات أمرا مستعجلا , وتلك الحلول يجب البحث عنها في جانبين , الاول في النصوص القانونية التي تحتاج الى تعديل ريادي أو الى تفعيل عملي , والثاني في الواقع العملي الذي تحولت فيه مواقف السيارات في الكثير المباني التجارية الى مستودعات مؤجرة وأحيانا الى نوادي ليلية ومطاعم ومقاهي .