تساؤلات سلطان الحطاب وجواب محمد الصبيحي

تساؤلات سلطان الحطاب وجواب محمد الصبيحي 

 

محمد الصبيحي

 

في مقاله ليوم أمس الاربعاء بعنوان ( مالذي يجري ؟؟ لم نعد نفهم ؟؟ ) وضع الزميل سلطان الحطاب مجموعة من التساؤلات الحائرة  عما يجري في البلد  ومنها  - وأقتبس من مقاله - (ما الذي يجري في بلدنا ؟ هل لدى أحد وصفة جاهزة؟هل ما يجري من مظاهر برزت مؤخرا يعكسها العنف والخروج على القانون والتحدي ذو الطبيعة الفردية أو الإجتماعية الضيقة وتشكل مجموعات تريد ان تغير باليد بعد ان اعجزها التغيير بالوجدان واللسان والقوانين حين تجاوزت نداءاتها الاسماع.. ما الذي يجري لم نعد نفهم ولم يعد التظاهر بالفهم يجدي .. ما الذي اصابنا؟ ولماذا ندير ظهورنا للمؤسسة والقانون ؟ لماذا يقول البعض «عليّ وعلى أعدائي» ؟ ولماذا كل هذا الغضب؟ ) .

 

وجوابا على تساؤلات الصديق الاستاذ سلطان الحطاب أقول أن السبب الجوهري وراء كل ما يجري هو انهيار جدار الثقة بين المواطن وبين الحكومات على مدار ربع قرن مضى من التجريب الحكومي في الشأن الوطني وتكريس الموظفين والقيادات الادارية الضعيفة والجاهلة أحيانا في سلسلة أتخاذ القرار الى أن و وصلنا الى ادارة ينخر جسدها سوس المحسوبية والشللية وبالنتيجة تحييد العدالة جانبا والعمل وفق أجندة المصالح  والمنافع المتبادلة  سواء كانت منافع مالية أو وظيفية أو حتى عشائرية وجهوية .

 

ان جيلا كاملا من أبناء الدولة فقد الثقة تماما بوعود الحكومات وسياساتها وأصبح ينظر الى القرارات الحكومية  ويفهمها عكس ظاهرها  وينظر الى النوايا الرسمية بريبة وتشكك  , وحتى عندما تحاول أدارة حكومية ملء شاغر وظيفي عن طريق  امتحان تنافسي فان المتقدمين يأتون باحباط وشعور بأن الامتحان  والمقابلة الشخصية ليسا الا من أجل تمرير تعيين أحد ( المدعومين ) أي ( شرعنة فساد أداري ) , وعلى سبيل المثال فقد أستمعت قبل أيام لقصة فتاة تقدمت للأمتحان التنافسي على وظيفة ( طابعة كمبيوتر ) في وزارة  ونالت في الامتحان العملي أعلى النقاط  وبعد المقابلة الشخصية مع اللجنة ذهبت الوظيفة الى أخرى وحين سألت قالوا لها أن المقابلة الشخصية للجنة أهم من الامتحان العملي ؟؟ بمعنى أن المظهر الخارجي والجمال الانثوي أهم من المؤهلات ؟؟ فهل نلوم تلك الفتاة لو خرجت على المجتمع والقانون وأعتصمت أو أضربت عن الطعام أو هشمت ( لمبات الشوارع في بلدتها ) ؟؟

 

وان شعورا طاغيا تفشى في المجتمع بأن القانون ( يطبق على ناس وناس ) وأن كل حديث عن سيادة القانون في بيانات الثقة الحكومية الى مجلس النواب وفي تصريحات الوزراء انما هو حديث للأستهلاك المحلي و ( لتبييض الوجه ) أمام جلالة الملك الذي يؤكد دائما على ضرورة التعامل مع المواطنين بعدالة وشفافية  ,

 

والدستور أيها الزميل العزيز سلطان يقول بصراحة  في المادة 22 ما نصه ( التعيين للوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والادارات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفاءة والمؤهلات )  وهذا يقتضي أجراء التنافس ووضع الاسس حتى نتبين الكفاءة  والمؤهلات  ,  ولقد رأيت هذا العام كيف تم في مؤسسة رسمية تعيين شاب خريج حديث في العلوم السياسية في وظيفة أدارية وأستثناء أخر خريج قانون وخبرة سنتين في المحاماة  , والسبب هو دعم أحد الوزراء للأول بينما الثاني لا بواكي له ؟؟

 

ولقد تبينت بنفسي كيف تم ملء أكثر من اربعماية وظيفة في مؤسسة عامة هذا العام وأتحدى أن يكون من بينهما وظيفة واحدة جاءت باستحقاق وجدارة  وبدون واسطة أو عن طريق التنافس العادل  !!  أفلا يشكل قرار من فعل ذلك جرم أستثمار الوظيفة بموجب قانون العقوبات ؟؟ ومع ذلك تتساءل أيها الزميل العزيز لماذ يوجد بيننا من يحاول تطبيق قانونه بيديه ؟؟ .

 

ان الظلم الاداري المتفشي في دوائر الدولة ومؤسساتها وبلدياتها أضعف انتماء المواطن لبلده وأضعف شعوره بضرورة الحفاظ على المرافق العامة للدولة فقال ما سألت عنه بدهشه ( علي وعلى أعدائي )  .

 

وحين يرى المواطن تغير حال مسؤول سابق  من فقر وحاجة الى ترف وغنى  أو من حد الطبقة الوسطى الى قمة الغنى فيتساءل : أتراه تعثر بكنز دفين ؟؟ , ولا يرى محاسبة على مصادر الثروات  فهل تريد ذلك المواطن أن ينام هانئا على أنغام لحن سيادة القانون وأغنية تكافؤ الفرص ( في حارتنا ) ؟؟ نعم ان تكافؤ الفرص لم يتحقق حتى الان الا في حارتنا وفي مجال واحد فقط وهو تكدس النفايات أمام بيوتنا جميعا بالتساوي !! .

 

نحن بحاجة الى أرادة وعزيمة لتحقيق ثورة أدارية بيضاء في أجهزة الدولة وبحاجة الى  ( قانون تفسير مصادر الثروة ) وكل عام وأنت بقلق أيها الزميل سلطان الحطاب  .

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى