مشروع قانون التقاعد .. مخالفة دستورية ارتكبها النواب

 

مشروع قانون التقاعد .. مخالفة دستورية  !

المحامي محمد الصببيحي

خلط السادة نواب الشعب بين النائب وبين الموظف العام  , فمرة يريدون أن يكونوا نوابا منتخبين , ومرة أخرى يعتبرون أنفسهم موظفين عموميون في مرفق عام .

ما يقبضه النواب من الخزينة يأتي من وزارة المالية تحت وصف ( مخصصات السادة النواب والاعيان ) وكلمة مخصصات غير كلمة راتب  , فالراتب للموظف , أما المخصصات فهي مكافأة عن خدمة  .

ولذلك فحين يريد النواب أحتساب سنوات العمل النيابي كجزء من سنوات الخدمة في الوظيفة لغايات الحصول على الراتب التقاعدي  فانهم يعتبرون العمل النيابي وظيفة حكومية , وهذا مخالف للدستور  .

الراتب التقاعدي لا يكون إلا لموظف في مرفق عام أو مؤسسة خاضعة لسلطة الحكومة  , ومن هنا فان تعريف الموظف العام ضروري للتمييز بين النائب والموظف  , وباختصار – كمقال صحفي – فقد أسنتقر الفقه والقضاء الاداري( على عناصر أساسية للوظيفة العامة ولاعتبار الشخص موظفا عموميا يتعين مراعاة العناصر الآتية 

1-أن يساهم فى العمل فى مرفق عام تديره الدولة عن طريق الاستغلال المباشر
2-
أن تكون المساهمة فى أدارة المرافق العامة عن طريق التعيين أساسا
3-
أن يشغل وظيفة دائمة وأن يكون شغله لهذة الوظيفة بطريقة مستمرة لا عرضية ) وهذه خلاصة من بحث قانوني معمق في الموظف العام – للباحث محمد شوقي السيد - .
 

وبالاضافة الى أن موقع الموظف العام يكون بالتعيين من سلطة أدارية  فانه أيضا يخضع لتوجيهات وتعليمات وأوامر تلك السلطة  وخاصة من حيث مهام العمل والنقل والانتداب والاعارة والعقوبات التأديبية والادارية  , ولذلك فان النص الدستوري في المادة 76 منع الجمع بين عضوية مجلس الاعيان أو النواب وبين الوظائف العامة  , وعرف الوظيفة العامة بأنها ( كل وظيفة يتناول صاحبها مرتبه من الاموال العامة ) ويعني ذلك أن عمل النائب ليس وظيفة عامة وما يتقاضاه ليس راتبا وانما مخصصات أو مكافأة ولو كان غير ذلك لفقد عضويته في المجلس .

من هنا أقول بما أن النائب أو العين ليس موظفا عاما فلا يجوز أن يخضع الى القوانين والانظمة المتعلقة بالموظفين العموميين مثل قانون التقاعد ونظام الخدمة المدنية , فهل يعقل أن يحشر غير الموظف العام في قانون يختص بالموظفين العموميين , مرة يعتبرونه نائبا منتخبا ومرة يعتبرونه موظفا يستحق الراتب التقاعدي عن فترة النيابة !! , واذا كان الاصل وهو الدستور يضع حدا فاصلا بين  عضوية مجلس الامة وبين الوظيفة العامة فان الجزء يتبع الاصل  , والجزء هنا هو خضوع النواب الى نص في قانون يتعلق بالخدمة المدنية ( الوظيفة العامة )

ما أقره النواب في  مشروع قانون التقاعد المدني مخالف لأبسط المبادىء والنصوص الدستورية ومخالف لمبدأ أستقلال السلطة التشريعية ومفهوم دورها والصفة الدستورية والسياسية لأعضاء مجلس الامة , ولا يتسع المجال هنا لشرح مفصل ولكن باب الحوار مفتوح .

 

زر الذهاب إلى الأعلى