الاذلال الاسرائيلي والرضوخ الاردني
الاذلال الاسرائيلي والرضوخ الاردني
محمد الصبيحي
في العلاقات الدولية تكون السياسة الخارجية للدولة أنعكاس لقوتها الاقتصادية والعسكرية وتتأثر بموازين القوة في الاقليم .
الاسرائيليون لاينظرون بعين الاعتبار الى معاهدة السلام مع الاردن بقدر ما ينظرون ويبنون سلوكياتهم أستنادا الى موازين القوة في الاقليم .
في العلاقة مع الاردن يأخذ الاسرائيليون بعين الاعتبار ما يلي :
أولا أن الاردن بحاجة الى السلم الداخلي لتفادي أنعكاسات الربيع العربي وأن النظام في الاردن يعرف أن أسرائيل قادرة وبطرق خفية على أثارة فتن ونعرات لخلخلة الامن الداخلي الاردني .
ثانيا أن الاردن بحاجة ماسة للسكون في الجهة الغربية أزاء المخاطر القادمة من الشمال السوري , بل وقد يحتاج الى دعم لوجستي ومعلوماتي وعسكري فيما اذا أشتعلت الجبهة الشمالية مع النظام السوري أو مع التنظيمات الاسلامية المقاتلة .
ثالثا : الاردن في المحيط العربي لا يجد جدارا قويا يستند اليه فالحال في مصر غير مطمئن ولا مستقر أما الخليج فالخطر الايراني والعراقي يقلقه بشدة
رابعا : الاردن أصبح الان بحاجة الى سلعة أستراتيجية من أسرائيل ألا وهي الغاز .
وفي مقابل ذلك ماهي الاوراق الاردنية في مواجهة أسرائيل ؟؟ لا شيء سوى التعاون الاستخباري والامني في مواجهة الجماعات المسلحة في سوريا والعراق .
من هنا فان الاسرائيليين لايعيرون أدنى أهتمام لأحتجاج أردني هنا وهناك ويقدمون على أستغلال الوضع و خرق بنود معاهدة السلام دون قلق من رد أردني قوي يتجاوز وقوف وزير الخارجية أمام الكاميرات للأدلاء بتصريح أحتجاجي موجه للجمهور الاردني كحبة مخدر مؤقت .
ويتجلى ذلك بحادثتين الاولى قتل القاضي رائد زعيتر بدم بارد وقيل وقتها أن أسرائيل قدمت أعتذارا ثم قيل أنه تم الاتفاق على لجنة تحقيق مشتركة وهذا يتناقض مع الاعتذار فكيف تعتذر أسرائيل قبل أن تتشكل لجنة التحقيق وتقدم تقريرها وتوضح ظروف الحادث وتحدد المسؤولية والمسؤولين ؟؟ فالدول تعبر عن الاسف للحادث اذا كان هناك لجنة تحقيق وحين يحملها التحقيق المسؤولية تعتذر رسميل وتبدي أستعدادها للتعويض , ويبدو أن الخارجية الاسرائيلية عبرت عن أسفها للحادث ( المؤلم ) فسارعت حكومتنا الى أعتبار الاسف أعتذارا وساقته علينا وعلى نوابنا ...
أما الحادثة الثانية فهي الانتهاكات الاسرئيلية اليومية للمسجد الاقصى دون أدنى أهتمام لغضب أو أحتجاج أردني أو مراعاة لنص المادة التاسعة من معاهدة السلام بين البلدين ,
وتنص المادة التاسعة (تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن) ,
ومعلوم أن قرار فك الارتباط لم يشمل المقدسات والاوقاف في القدس وأن أدارة المقدسات كانت وما زالت للأردن وأن الاردن بالاضافة الى ذلك يحمل تفويضا فلسطينيا بالخصوص .
واذ تسمح أسرائيل وتشجع المستوطنين والمتدينين على أقتحام المسجد الاقصى باستمرار فانها تخرق المعاهدة بصفاقة يقابلها تخاذل وتراخ أردني يقارب الاستسلام للأمر الواقع .
أي أذلال أكثر من هذا وأي ضعف في سياستنا الخارجية يمكن أن نصل اليه أكثر من هذا و مع ذلك فان وزير خارجيتنا يتحدث دائما بنبرات لا يضاهيه فيها وزير الخارجية الروسي الذي يطأطىء رأسه غالبا ولكن يبدو أن المسرحية موجهة الى الداخل حتى أقتنع بعضنا أننا أقوياء وأن الاسرائيليين يرتعدون من غضب ديبلوماسي أردني بمواجهتهم فارحم يا جودة .