مجنون يتكلم  وعاقل لا يسمع

محمد الصبيحي

صديقي العميد المتقاعد فتحي الحمود أعتزل الكتابة منذ مدة , والسبب أنه يرى أن لا أحد  في اجهزة الدولة  يسمع ولا أحد يلقي بالا الى ما نكتب ولم تعد ثمة فائدة من الكتابة .. اننا ننفخ في قربة مثقوبة ..

كلام سليم ويبدو أن الصديق أبو عمر يئس مبكرا  ونحن سنيأس لاحقا ..

انني افكر وأتساءل كم ملاحظة كتبها كاتب فقرأها مسؤول فبادر الى تصويب خطأ ما ؟؟ انهم يقرأون حتى النقد المباشر والاتهامات بالتقصير ولكن أصبحت لديهم مناعة وقدرة على تمثيل الصمم والعمى وضمير غائب لن يعود  ,, ووقاحة عين تنظر في وجهك وتقول لد ما معناه أيها الكتاب أنبحوا ما شئتم فالقافلة تسير  ... نعم تسير وتسير ولكن الى الهاوية

كل الحكومات وكل رجال الفكر والصحافة والقانون يؤكدون على سيادة القانون وكرامة المواطن ولكن انتهاكات القانون تتصاعد  وكل من يلتزم بالقانون يخسر , فتصوروا انني أحاول كل يوم احترام قانون السير في التجاوز والالتفاف وعند الاشارات الضوئية واتجاه السير في الشارع والنتيجة أن الذين يخالفون كل ما سبق يصلون وجهتهم قبلي وانا ما زلت احترم القانون فلا أسمع من الاخرين سوى عبارات الغضب وربما الشتائم ,, انني أشعر أن احترام القانون خطأ فالعرف السائد الان هو عدم احترام القاانون  , ويقال أن العرف أقوى من القانون ..

ماذا جرى للناس في الشارع وفي العمل ؟؟ ان المنظر الشاذ في الشارع الان هو منظر مواطن يرفض اجتياز الشارع من غير ممر المشاة المخطط بالابيض , والمنظر الشاذ هو منظر سائق يتوقف عند ممر المشاه , المنظر الشاذ هو منظر سائق وضع كيس نفايات داخل سيارته ويصر على عدم القاء اي نفايات من نافذة السيارة الى الشارع ..

المنظر الشاذ هو منظر مواطن يتوجه الى دائرة حكومية بمعاملة ولا يبحث عن واسطة لتسريع معاملته أو تجاوز القانون بمضمونها ..

المنظر الشاذ وغير المتوقع أن تتصل بك أمانة عمان أو وزارة المالية أو محاسب أي مؤسسة أو شركة ليخبرك أن سددت زيادة عن المبلغ المطلوب منك ويعتذر منك ويرجوك التكرم بالحضور لأسترداد الزيادة المدفوعة ..

المنظر الشاذ هو منظر صديق سكن مؤخرا في شقة بعمارة من عشر شقق فبدأ يومه الثاني بالسلام والتعرف على كافة الجيران في المبنى في حين انك لو حاولت سؤال أي ساكن في عمارة عن جيرانه في المبنى فلن يتمكن من تسميتهم جميعا ..

خلاصة ما توصلت اليه أن الكتابة عن الاخطاء لتصويبها جنون  بينما العقل والحكمة أن تكتب عن الصواب في المجتمع لتغييره فقد اصبح خطأ بقوة العرف والجنوح العام عن الحقيقة ..

كان يقال أن الكتاب والمفكرين هم العقلاء ولكن الحقيقة الان هي مجنون يكتب وعاقل يطنش .