الصبيحي يكتب عن هيبة المحاكم وعطوفة الرئيس

عمان1:كتب المحامي محمد الصبيحي - لم أصدق عيني اننا نقف في ردهة كبرى المحاكم ( قصر العدل) عندما أطلت سيدة من المدخل الرئيس تتمايل بسيقان شبه عارية وعطر فواح ووجه لم تترك صاحبته لونا الا واصطبغت به ، اما الكعب الذي يحاول عبثا ان يرفع من قامة صاحبته فلم يزد المنظر الفاضح الا تنبيها لمن لم ينتبه.
تلك السيدة بذلك المنظر الذي يتكرر  يدرك عقلها الفرق بين ردهة بيت العدالة وقاعة الرقص في ناد ليلى، ولكنها  تعتقد  انها بكل هذا الرخص في عرض الجسد  ستسحر الناظرين والحاكمين وتحقق المبتغى الذى تسعى اليه.
قلت لنفسي واقسمت أنني لو كنت رئيسا للمحكمة لما سمحت بدخول هذه السيدة وأمثالها عتبة الشارع الي قصر العدل، وإن دخلت فلن يكون مكانها الا خلف قضبان نظارة المدعي العام.
كيف تقبل محاكمنا بدخول مثل تلك السيدة الي بيوت العدالة، وكيف يقبل قضاتنا المحترمين بمثول أمثالها أمامهم؟؟.
احترم كثيرا تلك القاضية النابهة التي وقفت أمامها قبل عامين في محكمة شمال عمان مترافعا عن مواطن ووقفت زميلة محامية عن الخصم وإذ نظرت سعادة القاضي الي ملابس الزميلة المحامية ورات انها ( غير لائقة)، فقد نبهتها الي انها لن تقبل حضورها مرة ثانية بهذه الملابس، فلم نشاهد تلك المحامية في القضية مرة أخرى.
اختراق حرمة المحاكم وهيبتها ليس فقط فيما سبق ذكره وإنما أيضا في قبول مثول محام لم يعرف المشط سبيلا إلى راسه ولا مست شفرة الحلاقة ذقنه منذ ايام ولا عرف المكوى لون ( بنطلونه) واغلب الظن انه بديل البيجاما، ولم يسمع بربطة العنق واكتفى ب ( روب محاماة) ثقيل كالخيش ومكمش كأنما عبرت فوقه شاحنة.
كتبنا مرة مقالا في ( ملابس المحاميات) والمحامين وان بعض الزميلات والزملاء يدخلون قاعات المحاكم بمظهر غير لائق ينم عن استهتار بمكانة دور العدالة واحترامها في تراثنا واعرافنا وتقاليد من سبقونا، فاحتج علينا كثيرون وكثيرات من الزملاء، ولكن من يدخل المحاكم ويتأمل سيدرك الحقيقة ويعرف ان مجلس نقابة المحامين هو الغائب عن هذا الأمر.
من ناحية أخرى يحضر موظفون منتدبون للترافع في قضايا جزائية عن النيابة العامة ولا يلتزم بعضهم بالزي الرسمي ويكتفي بقميص وبنطلون جينز  وينشغل برسائل هاتفه اثناء المحاكمة.
لم نعد نميز في المحاكم بين موظف ومراجع  وغالبا تتغير المواقع ولا تتغير اللوحات الإرشادية، اما صناديق الشكاوى الشفافة المغلقة منذ سنوات فليست الا تجمعا للغبار والنفايات،
إننا نخجل أن يسألنا زائر أو مراجع أجنبى أحتاج إلى دخول  ( التواليت) في أي محكمة من محاكم المملكة. 
واسأل نفسي قبل سؤال وزير العدل كيف ندخل الي اي بنك فنتوجه الي ماكينة تحدد نوع الخدمة ومكتب المراجعة ورقم الدور  فلا نتزاحم وكل ينتظر المناداة على رقمه، ونفشل في تطبيق ذلك في محاكمنا؟؟ ولماذا يحتاج القاضي الي مناد يصرخ أمام بابه مناديا على شاهد او صاحب شكوى ولا يكون بواسطة ميكروفون صغير بجانب كاتب الجلسة؟؟. 
لماذا يعمل معظم قضاتنا الأجلاء في مكاتب لا يقبلها موظف درجه سابعة في وزارة المياه ، وأحيانا يعمل قاضيان في مكتب واحد؟؟ 
لماذا يقال لأعلى قاض  في السلطة القضائية وهو رئيس محكمة التمييز رئيس المجلس القضائي ( عطوفة رئيس المجلس القضائي)، ويقال لمن هم أدنى في سلم الدولة وأقل أهمية ( معالي)  ويقال لمتصرف اللواء ( عطوفة المتصرف) ومدير تسجيل دائرة أحوال مدنية ( لواء.....) عطوفة المدير؟؟ و يقال لرئيس المحكمة الإدارية العليا ورئيس النيابة العامة ورئيس محكمة الاستئناف.. عطوفة)؟؟. 
لا معالي ولا عطوفة للسادة القضاة، لا نريد القابا  طبقية للقضاة وينبغي أن تتميز مخاطبة القضاة عن مخاطبة الموظفين الاداريين بما فيهم الوزراء  فيخاطب القاضي بلقب ( السيد قاضي محكمة..) و ( السيد رئيس المجلس القضائي) لأن القاضي سيد قراره واستقلاله بنص الدستور  تمييزا أعلى من الوزراء  ( م ٩٧ : القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون) ولم يقل الوزراء مستقلون، بل ان حصانة قاضي الصلح في محكمة نائية ارفع درجة ( في الدستور) من حصانة وزير في الدوار الرابع.
أيكون ذلك على الورق فقط؟؟؟؟؟ ألا يخجل رجال الدولة الذين يتسمرون خلف مكاتب فخمة أنيقة ويتمشون بسيارات فارهة ومرافقين وسكرتاريا  وحرس؟؟ 
ان الدولة التي لا تبجل قضاتها ولا تحافظ على حرمة وهيبة محاكمها  إنما تهدم بنيانها بأيدي أبنائها.
وقال احد الحكماء انظر إلى قضاة اي دولة ودور العدالة فيها تقرأ مستقبلها.

زر الذهاب إلى الأعلى