محمد الصبيحي يكتب : بنية تحتية وبنية فوقية وأنا في الوسط
البنية التحتية هي ما تحتنا من طرق وجسور وسدود وقنوات وغيرها..البنية الفوقية هي الإدارات التي تخطط وتنشئ البنية التحتية..، في الوسط أقف أنا المواطن..الشعب..
دولة الرئيس قال أول من أمس ( البنية التحتية تعاني كثيرا ),, نعم ولكننا نعاني كثيرا من البنية الفوقية.. نحن الان نقف فوق بنية تحتية تعاني ، وتحت بنية فوقية عجزت عن التخطيط المستقبلي السليم وأساءت استخدام الموارد.. نحن بالفعل بين المطرقة والسندان..
شاهدان اثنان قدما الدليل القاطع على ما أقول ، الامطار والسيول الاخيرة كشفت عيوب البنية التحتية، أما تقرير ديوان المحاسبة الاخير فقد كشف فداحة اهمال البنية الفوقية في صيانة المال العام واحترام القانون.
معاناة البنية التحتية سببها اهمال البنية الفوقية والمتضرر الوحيد هو الشعب الذي وقف بينهما مذهولا مما يشاهد ومشاركا في الالم وبيوت العزاء. والسؤال الذي يطرحه كل مواطن: هل كان لابد أن تعصف الامطار والسيول حتى يتحرك السادة من مكاتبهم لتفقد البنية التحتية ؟ هل هناك من يحاسب ويسأل أين وكيف صرفت الاموال خلال السنوات الخمس الماضية ؟ هل هناك خطة صيانة دورية للمنشأت والمرافق العامة ؟ على أن السؤال الجوهري الذي يكشف الخلل الكبير من الذي جعل من الوزير – كل وزير – الخبير الوحيد الاكبر والعالم الأمهر الذي يوجه ويسدد الخطى في الوزارة ولا يجرؤ أحد على الاعتراض وتنبيهه الى الاعوجاج الذي يتحول في عبارات المنافقين الى صواب وحكمة ؟!! نحن لا نشاهد أو نسمع مديرا في مؤسسة او دائرة يتحدث لوسائل الاعلام دون أن يكرر عبارة ( توجيهات معالي الوزير ) ودون اسهاب في اضفاء الحكمة على رؤية وتوجيهات معالي الوزير، دون أن يطلب معاليه وربما دون أن يعلم بالموضوع اساسا.
فاذا كان قادة البنية الفوقية علماء في مجالها وخبراء في الادارة فكيف احتاج الامر ثلاث سنوات ليقرر رئيس الوزراء او مجلس النواب احالة قضايا من تقرير الديوان الى النيابة العامة ؟ الوزير المسؤول في حينه والمدير المدعوم علما من استيضاحات الديوان بجرائم فساد فلم لم يحيلا الامر في حينه الى المدعي العام ؟ ألم يرتكب الاثنان جريمة اهمال واجبات الوظيفة ؟.
الآن وبعد ثلاث سنوات نكتشف أن اموال عامة اختلست وجرائم فساد أرتكبت وادارات حكومية علمت ولم تبلغ المدعي العام ، لعب هذا أم جريمة ؟.
نتحدث عن سيادة القانون وتتناسى تلك القيادات الادارية أن القانون يلزم كل من علم بوقوع جرم أن يبلغ المدعي العام ، ومع ذلك فان توجيهات معاليه كانت بغير ذلك كما يبدو !!
نحن نشهد عملية تراجع كبير في مستوى الادارة الاردنية، ونقص مفجع في عدد رجال الدولة القادرين على المبادرة والرؤية الاستراتيجية ، وآن لنا أن نعترف أن الواسطة والجهوية في تعيين القيادات الادارية للمؤسسات العامة كانت هي المعيار الوحيد، وان الكفاءة والاستقامة كانت خارج الخدمة او ( لا يمكن الاتصال بها).
ذات حكومة وقف رئيسها وطالبنا أن نتقدم كمواطنين بأدلة على الفساد واتهمنا باتباع الشائعات والاوهام وجلد الوطن.. سكتنا ,, لم نكن نعلم أن الادلة كانت بيده التي يخفيها خلف ظهره،على رأي غوار الطوشة (كاسك يا وطن).
[email protected]