المحامي محمد الصبيحي يكتب : تقييد السلطة القضائية
تقييد السلطة القضائية في دول العالم الثالث
المحامي محمد الصبيحي
ععمان1:تتبنى غالبية الدول العربية ودول العالم الثالث نظام فصل السلطات في دساتيرها، الذي ملخصه ان نظام الحكم يتألف من ثلاث سلطات، تنفيذية وتشريعية و قضائية وكل سلطة تمارس صلاحياتهامستقلة عن الأخرى ولكن برقابة متبادلة إلى حد كبير، السلطة التشريعية تراقب عمل السلطة التنفيذية وتحاسبها، غير ان السلطة التنفيذية تستطيع حل السلطة التشريعية وإجراء انتخابات جديدة.
أما السلطة القضائية فإنها بالإضافة إلى الفصل في الحقوق بين الناس فإنها تنظر في مشروعية قرارات السلطة التنفيذية اذا تقدم احد بدعوى، كما تنظر بدستورية القوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية.
ويبدو في ظاهر الأمر أن الاستقلال الذي تتمتع به السلطة القضائية أوسع بكثير مما تتمتع به السلطتين التنفيذية التشريعية غير ان الواقع يختلف كثيرا في معظم الدول، إذ يمكن لتحالف او أتفاق بين السلطة التنفيذية وبين السلطة التشريعية ان يشل او يحد جزءا كبيرا من قدرات و اختصاص القضاء فالحكومة التي تستطيع بادواتها التنفيذية المتعددة التأثير والتدخل المباشر او غير المباشر في الانتخابات النيابية او بفعل احتكار الحزب الحاكم للسلطة التشريعية عبر حظر او قمع الأحزاب المعارضة تستطيع من خلال قانون الموازنة المالية للدولة خنق القضاء بخفض مخصصاته ووقف الزيادات و التعيينات والخدمات اللوجستية والبنية التحتية اللازمة لاستمرار العمل بمرفق القضاء بكفاءة وتستطيع الحكومة بدعم المجلس التشريعي تصدير ازمتها مع الشعب إلى السلطة القضائية بسن قانون خلافي يحد الحريات مثلا أو يجرم أفعال جديدة لم تكن تعتبر جريمة او يبالغ في تغليظ العقوبات، وضبابية النصوص في القانون ومصادرة خيارات قاضي الموضوع في مرونة العقوبة حسب ظروف القضية المنظورة بين يديه، بحيث تتحول الازمة إلى أزمة قانونية سياسية بين رجال القانون والجمهور من جهة وبين السلطة القضائية من جهة أخرى بينما تقف الحكومة والمجلس التشريعي موقف المتفرج الذي يزعم أن القرار للقضاء ولا يستطيع احد التدخل بالقضاء.
انها لعبة الديمقراطيات المنقوصه في العالم الثالث إذ تتضمن الدساتير وتكفل حرية التعبير والحقوق الأساسية بإضافة عبارة ( حسب أحكام القانون) فياتي القانون مفسرا و مقيدا للنصوص الدستورية فيلغي الجزء الأكبر من الحقوق التي كفلها الدستور.
ان الخطورة على بنيان الدول ان تصبح السلطة القضائية في مواجهة مع الشعب في الوقت الذي لا يملك فيه القضاة وسائل الاحتجاج او طريق أختيار قيادتهم القضائية ولا من يرد عنهم ضغوط أدوات السلطة التنفيذية.
ان دولنا العربية بوجه العموم تعج بالكفاءات القانونية وبرزت وتبرز دائما قامات قانونية في الاجتهاد والفقه القانوني ملأت ارفف المكتبات والجامعات ومع ذلك ما زال مرفق القضاء المرفق الاقل رعاية ومهابة سواء لدى الأنظمة السياسية أم في الوجدان والسلوك الشعبي المجتمعي فضابط شرطة مسؤول اهم في المجتمع من قاض في محكمة، ولذلك ستظل دولنا ومجتمعاتنا في مؤخر ركب الحضارة الحديثة ..