1500 مريض سرطان فقدوا حياتهم في غزة .. والآلاف يواجهون مصيرا كارثيا

عمان1:كشف المدير الطبي لـ"مركز غزة للسرطان"، الدكتور محمد أبو ندى، أن 1500 مريض بالسرطان فقدوا حياتهم في قطاع غزة منذ بدء الإبادة الجماعية التي تنفذها "إسرائيل" بحق الفلسطينيين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بسبب استهداف مستشفيات ومراكز علاج السرطان وحرمانهم من تلقي العلاج اللازم.
وقال أبو ندى، في تصريحات صحفية الأربعاء، إن مرضى السرطان في غزة يعيشون "مرارة الحرب ومرارة المرض"، مشيرًا إلى أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية المتكررة لمناطق مختلفة في القطاع ضاعفت من معاناة هؤلاء المرضى.
وأوضح أن "مركز غزة للسرطان"، الذي كان يقدم خدمات علاجية ومتابعة منتظمة للمرضى، توقف عن العمل إثر اجتياح الجيش الإسرائيلي لمنطقة "نتساريم" وتحويلها إلى محور عسكري يفصل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه. ومنذ ذلك الوقت، تنقلت الطواقم الطبية والمرضى بين عدة مستشفيات، بسبب الاستهدافات المتتالية للمستشفيات، بداية من "شهداء الأقصى" في دير البلح، مرورًا بـ"مجمع ناصر الطبي" في خانيونس، ثم إلى "مستشفى أبو يوسف النجار" و"دار السلام"، وصولًا إلى "مركز الزهراء" في رفح، وأخيرًا إلى "المستشفى الأوروبي" ثم "مستشفى ناصر" مجددًا.
وبيّن أبو ندى أن "مستشفى ناصر"، الذي يخدم مناطق جنوب القطاع، يواجه اكتظاظًا شديدًا بالمرضى والمصابين، ما يعيق تقديم خدمات متخصصة لمرضى السرطان. كما أشار إلى أن الانقطاع التام للعلاجات الكيماوية عقب إخلاء "المستشفى الأوروبي" قبل أسابيع، أدى إلى تقليص الجرعات إلى الحد الأدنى داخل "مستشفى ناصر".
وحذر أبو ندى من مخاطر حقيقية تهدد حياة المرضى بسبب انقطاع العلاج، لافتًا إلى أن 11 ألف شخص يعانون من السرطان في غزة، من بينهم 5 آلاف مريض لديهم تحويلات طبية للعلاج خارج القطاع. وأكد أن التأخير في التشخيص أو العلاج يزيد احتمالات انتشار المرض في أجسادهم.
وشدد على ضرورة السماح للمرضى بالسفر لتلقي العلاج الكيماوي والإشعاعي، موضحًا أن الإمكانات المتوفرة داخل غزة محدودة ولا تغطي احتياجات جميع المرضى، ولا تناسب حالات كثيرة.
وأشار أبو ندى إلى أن الوفاة اليومية لمريضين بالسرطان في المتوسط منذ بدء الحرب، تعود إلى غياب العلاج ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية. كما تفاقمت معاناة المرضى بعد إغلاق إسرائيل المعابر أمام المساعدات الإغاثية في 2 مارس/ آذار، حيث وصلت نسبة العجز في الأدوية الأساسية إلى 37%، وفي المستهلكات الطبية إلى 59%، بحسب وزارة الصحة.
وأضاف أن مرضى السرطان يعانون من ضعف المناعة ويعيشون في بيئة ملوثة، تفتقر إلى النظافة وتنتشر فيها الغازات السامة الناجمة عن القصف. كما يضطر كثير منهم للعيش في مراكز إيواء مزدحمة تنتشر فيها الأوبئة والأمراض المعدية، ما يهدد حياتهم بشكل مضاعف.
وأكد أبو ندى أن مرضى السرطان هم من الفئات الأشد تضررًا من سياسة التجويع التي تمارسها "إسرائيل"، إذ يحتاجون إلى غذاء خاص غني بالعناصر المقوية للمناعة، لكنهم باتوا يبحثون مثل غيرهم عن أبسط مقومات البقاء، في ظل شحّ الغذاء.
وكان "المستشفى الأوروبي" في جنوب القطاع أحد المستشفيات التي لجأ إليها مرضى السرطان بعد خروج مركز غزة للسرطان (مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني) عن الخدمة، لكنه هو الآخر تعرض لاستهدافات إسرائيلية متكررة.
وفي 15 مايو/ أيار، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية خروج "المستشفى الأوروبي" عن الخدمة بشكل كامل، عقب إنذارات بالإخلاء، وهو ما وثقه الجيش الإسرائيلي لاحقًا في فيديو نشره في 7 يونيو/ حزيران، يُظهر اقتحامه للمستشفى. واعتبرت منظمات حقوقية هذه الواقعة جريمة حرب جديدة ضمن سلسلة الاستهدافات المتعمدة للمنظومة الصحية في غزة.
ومع استمرار تدهور الأوضاع، بدأ عشرات مرضى السرطان في تلقي أولى جرعات العلاج مؤخرًا في مستشفى ناصر، وسط ظروف صعبة واكتظاظ هائل، ومن دون قسم مخصص لهم، فيما يستمر النظام الصحي في القطاع بالانهيار نتيجة الحصار والاستهداف الممنهج من قبل الجيش الإسرائيلي.
وترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 185 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.