السودان أمام خطر التقسيم والجيش ينسحب من مدينة الفاشر
عمان1:بعد اشتباكات ضارية مع قوات الدعم السريع لأيام، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مساء أمس الاثنين في خطاب متلفز، “مغادرة الجيش مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور غربي البلاد، لما تعرضت له المدينة من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين”.
فيما انتشرت مشاهد مصورة لتصفية مدنيين عزل في المدينة، وسط اتهامات للدعم السريع بارتكاب جرائم مروعة.
سيناريو ليبي
في حين أكد كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، أن الوضع في الفاشر مقلق جداً استراتيجياً وإنسانياً.
كما حذر في مقابلة صحفية من “سيناريو ليبي، يتعلق بانقسام السودان”.
واعتبر أن “ما جرى في المدينة ليس مفاجئًا، بعد عامين من الحصار وسيطرة شبه كاملة لقوات الدعم السريع على الفاشر”.
أتى ذلك، بعدما أثار تقدم قوات الدعم السريع مخاوف من أعمال انتقامية محتملة بحق نحو 250 ألف شخص لا يزالون في الفاشر، وهي المعقل الأخير للجيش السوداني بدارفور في الغرب، وسط تحذيرات من تصاعد القتال في مناطق أخرى من البلاد.
خطر التقسيم
ورأى محللون أن قوات الدعم السريع، التي تخوض حرباً مع الجيش منذ أكثر من عامين ونصف العام، قد تستغل هذا الزخم لمحاولة استعادة السيطرة على مناطق أخرى في السودان.
ففي حال لم تسفر أحدث مساعي محادثات السلام بوساطة الولايات المتحدة عن تقدم في مسار تعثرت فيه محاولات سابقة، فإن ذلك قد يزيد من تفاقم صراع تسبب بالفعل في مجاعة وأثار موجات من العنف على أساس عرقي وأدى إلى تشريد ملايين الأشخاص.
احتمال تحقيق مزيد من التقدم
إلى ذلك، أعرب عدد من المحللين عن اعتقادهم بأن قوات الدعم السريع لن تكتفي بذلك. وقال مآلان بوزويل من مجموعة الأزمات الدولية “لم نلحظ أي مؤشر على أن قيادة قوات الدعم السريع تكتفي بغرب السودان فقط. ويبدو أنهم مستمرون في تصعيد هذه الحرب”.
بالتزامن، أكد شهود ومصادر إنسانية وعسكرية أن “مقاتلي الدعم السريع احتجزوا مدنيين فارين في بلدات وقرى مجاورة”، منذ إعلان القوات سيطرتها على مقر الجيش في الفاشر يوم الأحد، وفق ما نقلت وكالة “رويترز”.
كما أفاد مصدران عسكريان ومصدران من منظمات إنسانية أن قوات الدعم السريع وجهت المدنيين الفارين، على ما يبدو، إلى البلدات المحيطة بالفاشر، في محاولة لإنشاء مخيمات للنازحين هناك.
وقال شهود وصلوا إلى بلدة طويلة، الواقعة إلى الشرق من الفاشر وتسيطر عليها قوة محايدة، لرويترز إنهم “أُرسلوا إلى بلدة قرني القريبة سيرا على الأقدام وإن مئات الأشخاص، بينهم نساء وأطفال، ما زالوا محتجزين لدى الدعم السريع هناك”.
فيما أوضحت منسقة الأمم المتحدة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان دينيس براون، أن البالغين والأطفال الذين غادروا الفاشر عبر طرق غير آمنة “يعانون من الجفاف وسوء التغذية وبعضهم مصاب جسديا وجميعهم مصابون بصدمات نفسية”.
من جهتها، أشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن المعارك أدت إلى نزوح نحو 26 ألف شخص.
وكانت قوات الدعم السريع حققت مكاسب ميدانية خلال مطلع الأسبوع في مدينة بارا الاستراتيجية التي تقع شمال كردفان، مما يجعلها على بُعد ساعات من الخرطوم. وفي مقطع فيديو نُشر الأحد من داخل قاعدة الجيش في مدينة الفاشر، قال نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو “تحريرنا للفاشر تحرير السودان إلى بورتسودان… نحن جايين، جايين جية تقيلة جداً”.
يذكر أن دارفور باتت تعتبر معقلاُ لقوات الدعم السريع التي شكلت فيها حكومة موازية. وكشفت مصادر من قوات الدعم السريع شبه العسكرية أن كبار قادة هذه القوات ومنهم قائدها محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، يقيمون في دارفور.
فيما تمكن الجيش السوداني في وقت سابق من هذا العام (2025) من طرد الدعم السريع من العاصمة الخرطوم، لكن مصدرا بالجيش وآخر من قوات الدعم السريع، أكدا أن تلك القوات حشدت أسلحة متطورة بما في ذلك طائرات مسيرة بعيدة المدى، مما قد يسمح لها بمحاولة العودة.