كارثة إنسانية .. غرق خيام ومراكز إيواء في غزة بمياه الأمطار
عمان1:قال جهاز الدفاع المدني بقطاع غزة، الجمعة، إن مئات من خيام النازحين الفلسطينيين غرقت بسبب مياه الأمطار، مع أول منخفض جوي يضرب المنطقة لهذا العام بالتزامن مع مرور أكثر من شهر على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس".
وتتأثر الأراضي الفلسطينية بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة نسبيا إلى باردة وبأمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية أحيانا، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "وفا" عن دائرة الأرصاد الجوية.
وأضاف محمود بصل، متحدث الدفاع المدني بكلمة مصورة: "مع أول هطول للأمطار بغزة فجر الجمعة، تعرضت مئات الخيام للغرق خاصة في مدينة غزة"، في أوضاع وصفها بـ"الكارثية".
وأوضح أن طواقمه رصدت غرق خيام في مدينة غزة "بمن فيها وبمقتنيات المواطنين" وملابسهم التي انتشلوها في أوقات سابقة من تحت ركام منازلهم المدمرة.
وأشار إلى أنه تم رصد غرق أمتعة النازحين وممتلكاتهم القليلة بمياه الأمطار التي تسربت إلى داخل الخيام.
ويعيش النازحون واقعا مأساويا بسبب انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى مستلزمات أساسية ونقص تقديم الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي.
ويتخذ معظم هؤلاء النازحين من الخيام التالفة مأوى لهم، فيما قدر المكتب الإعلامي الحكومي نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي أن نسبة الخيام التي لم تعد صالحة للإقامة في القطاع بلغت نحو 93 بالمئة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفا.
وعلى مدار نحو عامين من الإبادة الجماعية تضررت عشرات آلاف الخيام بفعل القصف الإسرائيلي الذي أصابها بشكل مباشر أو استهدف محيطها، فيما اهترأ بعضها بسبب عوامل الطبيعة من حرارة الشمس المرتفعة صيفا والرياح شتاء.
واقع مأساوي
ووسط هذا الواقع المأساوي، قال بصل إن النازحين لا يعرفون أين يذهبون في ظل نقص مراكز الإيواء وسط الدمار الهائل الذي خلفته إسرائيل على مدار عامين من الإبادة.
ووفق أحدث معطيات المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الإبادة الإسرائيلية تسببت بتدمير 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع، بخسائر أولية تقدر بنحو 70 مليار دولار.
وأفادت المعطيات، بأن إسرائيل دمرت 268 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، و148 ألف وحدة بشكل بليغ غير صالح للسكن، و153 ألفا بشكل جزئي.
وحذر بصل من مخاطر الإقامة في منازل آيلة للسقوط في ظل تساقط الأمطار، خشية غرقها وانهيارها.
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، فضّل آلاف الفلسطينيين العيش في منازلهم المدمرة جزئيا أو على أنقاض منازلهم المدمرة، في ظل انعدام توفر البدائل خاصة البيوت المتنقلة.
ويرى الفلسطينيون في هذه المنازل المدمرة خيارا أقل قسوة من البقاء في الخيام المصنوعة من الأقمشة المتهالكة، والتي لا تحمي من مياه الأمطار شتاء ولا تقي من البرد.
غرق مراكز إيواء
وفي وقت سابق الجمعة، قال بصل بتصريح صحفي إن الفلسطينيين استيقظوا ليلا على غرق خيامهم ومراكز الإيواء التي يقيمون فيها، في مشهد "مبكٍ جدا".
وذكر أنه تم رصد ارتفاع منسوب المياه في بعض ساحات مراكز الإيواء لأكثر من 10 سنتيمترات، ما تسبب بغرق الخيام المنصوبة فيها بما يتواجد داخلها من أغطية وفراش وملابس.
وأوضح أن الدفاع المدني استقبل "مئات الإشارات من الفلسطينيين يطلبون المساعدة والعون"، إلا أن نقص الإمكانيات والمقدرات أعاق عملية الاستجابة.
نزوح داخلي
وبفعل المنخفض الجوي، أشار بصل إلى حالة نزوح داخلية يشهدها القطاع يبحث خلالها الفلسطينيون عن مأوى آمن يقي برد ومطر الشتاء.
وطالب العالم بالوقوف أمام مسؤولياته أمام الجريمة البشعة والمتمثلة في "عدم إبقاء أي مكان أو مركز إيواء آمن يلجأ إليه الفلسطينيون".
واستكمل قائلا: "نقول للعالم بإن القطاع يمر بمرحلة كارثية لا تختلف عن القتل والموت (..) الفلسطينيون أمام خيارات صعبة إثر عدم توفر البدائل".
وفي وقت سابق الجمعة، قال ينس لاركيه، متحدث مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) للأناضول، إن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يزال "كارثياً"، مع استمرار إسرائيل بإعاقة وصول المساعدات، رغم مرور أكثر من شهر على وقف إطلاق النار.
وينعدم توفر البدائل في القطاع، جراء القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية، ويقول المكتب الإعلامي الحكومي وحركة "حماس" إن إسرائيل تنتهك البروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل منع دخول مواد الإيواء من خيام وبيوت متنقلة.
وأوقف اتفاق وقف إطلاق النار إبادة جماعية إسرائيلية بقطاع غزة بدأت في 8 أكتوبر 2023، وخلفت أكثر من 69 ألف قتيل فلسطيني وما يزيد عن 170 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، مع إعادة إعمار قدرت الأمم المتحدة تكلفتها بنحو 70 مليار دولار.