الصالونات السياسية بالأردن .. رؤى وحلول أم جلسات نميمة وإشاعة
عمان1:باتت قضية وجود صالونات سياسية تتبنى أفكارا وبدائل على الساحة الأردنية، جدلية تطرح تساؤلات عميقة حول ما تمثلها هذه الصالونات من رؤى ومصالح وعن دور هذه الصالونات في إدارة قواعد اللعبة السياسية في الأردن؟
البعض يرى انه في ظل غياب الدور المؤثر والفاعل للأحزاب فتح المجال أمام ظهور صالونات سياسية تعكس خبرات لتوجهات وأفكار متقدمة تسهم في اجتراح حلول اقتصادية وسياسية، فيما يرى آخرون أنها لا تعدو عن كونها مجالس «نميمة وشائعات» هدفها اغتيال الشخصية والوشاية والتحريض وطرح أنفسهم كبديل.
تفكير ايجابي مع الدولة بخط موازي
الوزير الأسبق سمير حباشنة تساءل عن المعنى من الصالونات السياسية؟ وقال: «في الأردن أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني نشطة وجمعيات ثقافية وفكرية وأكاديمية، ونحن في جمعية العلوم والثقافة كنموذج على الدور الايجابي للدور الذي يمكن للجمعيات والمؤسسات أن تقوم به».
وأكد الحباشنة الدور الايجابي لهذه المؤسسات في تقديم رؤى وبما تمثله من دور طليعي قيادي في المجتمع، لافتا الى أهمية ان تمثل هذه المؤسسات والجمعيات مجموعة تفكير ايجابي وتفكر مع الدولة بخط مواز وقياس على ذلك العديد من الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني التي تعتبر مراكز تفكير ايجابي تتناول مشكلات الدولة بطريقة غير رسمية موازية مع الجانب الرسمي وتسعى إلى مناقشتها والى اجتراح الحلول والمقترحات لهذه المشاكل سواء كانت اقتصادية سياسية اجتماعية وعلاقات الأردن في الإقليم وكل ما يهم المجتمع والشارع الأردني.
وقال الحباشنة ان اعتبرنا من هذه المؤسسات والجمعيات صالون سياسي فان هذا شيء حميد، أما إذا كان المقصود من هذه الصالونات جلسات «الوشوشة والنميمة» والتعليق على من هو في المسؤولية ومحاولة إضعافه حتى يأتي هذا الشخص أو ذاك أو تلك المجموعة محل المجموعة الموجودة اعتقد أن هذا الأمر سلبي وضار في مسيرة العمل الوطني.
ولاحظ الحباشنة وجود نوعين من التجمعات، ايجابية تقدم للدولة رؤى وتوصيات وحلول لإشكلياتنا، والآخرى هي جلسات نميمة وإشاعة وإفشال وإضعاف من هو في موقع المسؤولية، موضحا أن قوى الشد العكسي تسعى إلى تبديد أي فكرة ايجابية قد تخدم الدولة، وان النوعين موجودين في الأردن من جمعيات وأحزاب، والآخر السلبي الذي يعتمد الشائعات والنميمة وهي ضارة بالمصلحة الوطنية.
وذكر الحباشنة أن هذه الظاهرة السلبية تكبر في بلدنا وان إضعاف صالونات الشائعات والنميمة يتم من خلال تركيز الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني الايجابية من أحزاب وجمعيات من جهة والتصدي للشائعات والاقاويل والوشوشات من خلال إيضاح الحقائق والمزيد من الشفافية.
وشدد على أهمية أن يكون الأداء الرسمي يرضي الناس، لافتا إلى الثقة ما بين إدارة المسؤولية والناس تضعف والسبب أن هنالك أشخاص تظهر وتتحدث من الخارج يكون لديها الاف الاشخاص يشاهدونهم على موقع التواصل الاجتماعي، محذراً مما يحمل حديث هؤلاء الأشخاص من افتراء وتقويل وصياغة أحداث غير موجودة وأن هذه ظاهرة خطيرة تضعف الثقة مابين الخطاب الرسمي والناس.
صالونات نميمة لا تجتمع على برنامج
رئيس ملتقى جماعة عمان لحوارات المستقبل بلال حسن التل تساءل بدوره: هل لدينا صالونات حقيقية في الأردن؟ واستطرد التل: «الصالون السياسي حالة متقدمة من العمل السياسي الذي يلتقي فيه مجموعة من اهل الرأي والاختصاص ويجمعهم فكر معين، وبالتالي ضمن برنامج عمل ما».
وأضاف: «هذا غير متوفر في الاردن، لدينا صالونات نميمة لا تجتمع على برنامج بل على الانتقاد العبثي وفي الغالب الشليلة تجتمع على سهرات».
ودعا التل الى ان يكون هنالك صالونات حول برامج مبنية على رؤية موحدة، مشيرا الى ان ما يصدر منها من بيانات وتصريحات هي صادرة عن رؤئ فردية وليس عمل جماعي، معتبرا ان الصالونات السياسية لعبت دورا كبيرا وخاصة في بداية النهضة العربية والتحرر حيث كان لها دور أساسي.
فالمطلوب أولا، وفق التل، ان يبرز سياسيون لديهم رؤية سياسية وبرامج للعمل العام، وسواء كان العمل الحزبي او مؤسسات المجتمع المدني, مبينا انه كان لدينا احزاب قوية افضل مما هي عليه الآن، ولا بد ان يكون هنالك ثقة، ونحن لدينا في الاردن ظاهرة اغتيال الشخصية بمجرد ظهور أي مشروع او شخص يبدأ اطلاق الاشاعات حولة, لافتا الى انه ليس معيبا ان يبرز لدينا مجموعة من شخصيات يجتمعوا حول برنامج يقودهم للمشاركة في السلطة، وقال: «نحتاج مؤسسات لفرز القيادات السياسية والتجرد من الانانية حتى يجتمع عدد من السياسيين حول شخص ما ويقدموا رؤية وبرنامج عمل ويقدموا انفسهم للناس من خلال هذا لبرنامج».
البعض يقدم نفسه كبديل لصانع القرار فتصبح الصالونات منافسا اوعائقا
المحلل السياسي الدكتور خالد شنيكات، قال ان مصطلح «الصالون السياسي مصطلح اردني وفي التقاليد الديقراطية غير متعارف عليه هذا شي غير موجود، لكنه في الاردن يمثل ظاهرة موجودة لدينا لاناس قد يكونون على رأس عملهم او متقاعدون للحديث في امور سياسية».
ويضيف شنيكات: «تظهر هذه الصالونات بين جماعات سياسية قد تكون هذه الجماعات جماعات ضغط فعلي او جماعة مصلحة او حلقة بحث اقرب الى مستودع للافكار، اذا كان الصالون السياسي جماعة مصلحة وليس بالمعنى التقليدي للمصلحة بل من ناحية سياسية تعني التأثير في صنع القرار سواء في طرح بديل او الضغط في اتجاه معين ضد قرار أو مع قرار وإيقاف قرار، بعض هذه الجماعات لها علاقة بصانع القرار وتحاول التأثير على صانع القرار.
واضاف: «يمكننا القول ان البعض ايضا ليس له تأثير على صنع القرار وهو خارج القرار في محاولة للعودة لدائرة التأثير، بل يطرح نفسه كبديل لصانع القرار، وفي هذه الحالة يتم النظر لهذه الصالونات او الجماعة على أنها منافس اوعائق في طريق التقدم السياسي، لكنه نفسه يطرح بدائل او رأي استشاري او حلول في تجاه معين، هذا من النوع الذي يجب ان يتم تقويته، لكن إذا طرح نفسه كبديل يتم النظر إليه بتخوف».
وأضاف أنه في ظل عدم وجود أحزاب ذات تقاليد مؤسسية في الاردن ظهرت الصالونات لتصبح بديلا يملأ فراغ غياب أحزاب فعلية.
ولاحظ ان الصالون السياسي يمثل رأيا وطرحا بديلا آو نقدا وليس طرحا برامجيا، وان هنالك حالات شد وجذب للظهور على الساحة من قبل هذه الجماعات، وهي تظهر اكثر من رأي، وكنتيجة للظرف الراهن وضعف الحياة الاقتصادية والسياسية يتم طرح هذه الجماعات كبدلاء او طرح مقترحات للتغيير اوالتطوير.
وأضاف انه في الدول الديمقراطية إذا كان هنالك حدث ما، تطرح هذه الاحزاب برامجها السياسية والشعب هو من يقرر من خلال الدعوة لانتخابات مبكرة وتنتهي الاشكالية، وهذه حالة متقدمة، نحن في الأردن ما زلنا بعيدون عنها فلا يوجد احزاب مؤسسية بالمعني المطلوب وبالتالي كل البرامج تتم داخل بنية حزب ليس بالضرورة تجمعها قيم او أيديولوجيا مشتركة بدون مظلة فكرية محددة.