الأردن فيها من خيرة النساء والرجال

كان الاستثمار في الانسان ولا يزال هو محور النشاط الحضاري والإنساني بشقيه المادي والمعنوي -جاءت الرسالات السماوية عبر تاريخ البشرية لتحدد المسارات الآمنة للإنسان من أجل عمارة الارض وبناء القيم الإنسانية وبما أن الاردن بلد لا تتوافر فيه الموارد المباشرة التي تؤدي الى الثراء لغاية الآن، وما هو موجود يحتاج الى جهد بشري ما زال متواضعاً، فإن الانسان الاردني ذكراً أم أنثى كان وما زال يشكل الرأسمال الذي يفتخر به لقد كنا الأسبق من بين الدول العربية في التعليم ومحو الأمية، وقام أبناؤنا بالسفر عبر الإقليم والعالم، وبناء نهضة اقتصادية وعمرانية وعلمية مشهود لها وما زالت اثارها، وعادت هذه الغربة على البلد بالخير خبرة ومالاً، يحصد ابناؤنا جوائز عالمية في المجالات العلمية والإدارية والتعليمية على مستوى العالم.

لماذا ينجح أبناؤنا هذا النجاح في الخارج ويصبحون علامات بارزة في تخصصاتهم ولا نجد مثل هذا النجاح في بلادنا.

الجواب أننا نفتقر الى قاعدة بيانات بالكفاءات المختلفة ولا تتساوى الفرص أمام الأكفأ ليكون هو محط الاهتمام ونعتمد في عمليات الاختيار على الخبرة الشخصية والعلاقات الأسرية والتذكر لأشخاص مروا معنا بتجارب شخصية أو عرفناهم عن قرب ولذلك لا تكون الاختيارات هي الأنسب لكي نضع في مواقع صنع القرار من يستطيع ان يثري بتجربته مجال عمله، ولا توجد محاضن علمية متخصصة تسمح للمبدعين منهم ان يظهروا ما عندهم من كفاءات. كثيرون رجعوا الى البلد محاولين ان يضعوا خبرتهم لتنمية بلدهم ولكنهم عادوا الى الغربة في بلاد عرفت كيف تستفيد منهم وتوظف خبراتهم عندما تريد تحضير صحن سلطة تجمع مكوناته قد تكون أصناف عديدة من الخضراوات، تحتاج البندورة والخيار والخس والباقلاء والليمون والفلفل والزيت ويمكن ان تضيف الجبنة والافوكادو، ولب النخيل والفلفل الحار والبقدونس -هي خضار مختلفة ولكنها في النهاية تشكل صحناً لذيذاً من السلطة فاتح للشهية وغالباً ما يكون فاتحاً للشهية- إذن المكونات مختلفة ولكنها في النهاية تشكل طبقاً متجانساً ومقبولاً.

هكذا هم ابناء الاردن مختلفون أحياناً في افكارهم وتوجهاتهم وخبراتهم ولكنهم بحاجة الى طبّاخ ماهر يشكل منهم طبقاً متجانساً حلو المذاق، نستفيد من كل خبرة كل واحد منهم، هذه المرحلة التي نعيشها الآن صعبة اقتصادياً وسياسياً وشعبياً، ما كان يصلح سابقاً من نوعية من الرجال والنساء لا يصلح الان، فالشعب واعٍ ويعرف كل منا تاريخ الآخر وإمكاناته، تحتاج الى رجال اصحاب خبرة وكفاءة، قريبون من الناس يسمعون لهم يحاورونهم، يسعون الى حل مشاكلهم يشعرون معهم، يعرفون قراهم وبواديهم ومخيماتهم عركتهم الحياة، يأكلون مما يأكل منه سواد الشعب وجربوا حياتهم ومعاناتهم يخاطبونهم بلغة يفهمونها ما تقدمه الجرائد اليومية من طبق اليوم تشعر عندما تقرأه انه لا يناسب ذوقك وطبيعة أكلك، وهكذا هم رجال القرار، يجب ان لا يشعر الناس بأنهم يعيشون في واد والناس في واد آخر كقصة المرأة مع الرجل الذي قال لها (أنت وين والناس وين)–وهي قصة لا أود ذكرها يعرفها أهل القرى، لا نصل الى مرحلة نقول فيها (أيها المسؤولون أنتوا وين والناس وين) وللحديث بقية.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى