أزمةٌ حادّةٌ في وحدة المُخابرات الأكثر سريّةً بجيش الاحتلال

عمان1:من المُسلّمات في كيان الاحتلال الإسرائيليّ هو التنافس بين الوحدة (504)، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، والتي يُطلَق عليه اسم جهاز الموساد التابِع للجيش، وبين جهاز (الموساد)، الذي يتبع مُباشرةً وفق القانون بالدولة العبريّة لرئيس الوزراء ويتلقّى منه المعلومات. عُلاوةً على ذلك، فإنّ الوحدة (504)، بحسب المصادر الأمنيّة في تل أبيب، هي المسؤولة عن تجنيد وتفعيل الجواسيس خلف خطوط العدوّ، وتحديدًا في الدول العربيّة، وأيضًا إيران، علمًا أنّها من أكثر الوحدات سريّةً في جيش الاحتلال.

والنزاع الأكبر والأشهر هو بين الموساد ورئيسه عشية حرب 73، تسفي زمير، وبين شعبة الاستخبارات العسكريّة وقائدها في تلك الفترة الجنرال احتياط إيلي زعيرا، وهو الخلاف الذي وصل إلى أروقة المحكمة العليا الإسرائيليّة، ولكنّ الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة ولمنع كشف أسرارٍ أخرى عن الفشل، طلبت من رئيس الموساد زمير، الذي رفع دعوى قضائيّة ضد الجنرال زعيرا شطب الدعوى، واللجوء إلى محكّم بين الاثنين، علمًا أنّ الخلاف دار حول الجاسوس المصريّ، أشرف مروان.

وبحسب موقع جيش الاحتلال فإنّ الرقم (504) يعني شيئًا ما، ولكن لأسبابٍ أمنيّةٍ مفهومةٍ، لا مجال لنشر ذلك، مع ذلك يُمكِن النشر بأنّ الوحدة المذكورة أُقيمت في الـ13 من شهر أيلول (سبتمبر) من العام 1949 وكانت وظيفتها المركزيّة جمع المعلومات عن الجيوش العربيّة، وقد عرفت الوحدة العديد من الإخفاقات، منها، على سبيل الذكر لا الحصر، أنّه في شهر حزيران (يونيو) من العام 2001 تمكّن أحد المُتعاونين الفلسطينيين مع الوحدة من قتل مُشغلّه، وهو ضابط رفيع المُستوى بالوحدة، كان اسمه يهودا إدري، (45 عامًا)، والذي أعدمه المُتعاوِن في القدس المُحتلّة رميًا بالرصاص، وكشفت حينها وسائل الإعلام العبريّة النقاب عن أنّ المُتعاوِن الفلسطينيّ تعمّد قتل مُشغلّه، حيث وصل إلى مكان اللقاء وهو يحمل المُسدّس، وعلى الرغم من الحراسة المُشدّدّة على ضابط الاستخبارات الإسرائيليّ، إلّا أنّ الفلسطينيّ تمكّن من قتله في مكان اللقاء.

وكان التلفزيون العبريّ قد كشف قبل عدّة أيّامٍ عن فضيحةٍ جديدةٍ في الوحدة السريّة جدًا، ووفق النشر في القناة الـ13 بالتلفزيون فإنّ القائد العّام لهيئة الأركان، الجنرال أفيف كوخافي، اتخذّ قرارًا بموجبه تمّت الإطاحة بضابط رفيعٍ في الوحدة، والذي بادر إلى إرسال أحد العملاء لشراء الطحينة النابلسيّة للضابط الرئيسيّ في الوحدة، المسؤول عن جمع المعلومات، ووفقًا لموقع (YNET) فإنّه تمّ توبيخ القائد الرفيع جدًا، بالإضافة إلى قائد الوحدة، وقرر الجيش أيضًا إرسال أحد الضباط إلى السجن لمدّة 28 يومًا، وتبينّ من التحقيق أنّ الضابط المُتورِّط قام بإرسال العميل إلى الضفّة الغربيّة المُحتلّة لشراء الطحينة مرتيْن.

وقال الناطق الرسميّ بلسان جيش الاحتلال تعقيبًا على “فضيحة الطحينة” إنّ الحديث يدور عن حادثٍ خطيرٍ وخارجٍ عن القاعدة، ولكن من الناحية الأخرى، أضاف الناطق، فإنّ مجريات الأمور تؤكّد مرّةً أخرى أنّ الوحدة (504) هي وحدة مُختارة، والتي تقوم في جميع الأوقات بتنفيذ عملياتٍ مُعقدّة ومُركّبة، ولهذا السبب فازت الوحدة في السنوات الأخيرة بالعديد من الأوسمة، طبقًا لأقواله.

في السياق عينه، أعّد مُحلِّل الشؤون العسكريّة في القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، أور هيلر، تقريرًا عن الفضيحة الجديدة، وخلال التقرير أجرى عدّة لقاءات مع ضُبّاطٍ سابقين خدموا في الوحدة (504)، حيث كشف أحدهم النقاب عن أنّ هذه الفضيحة تُعيد الوحدة الأكثر سريّةً إلى الأيام التي خلت، والتي كان الضباط فيها يقومون بأعمالٍ مُنافيّةٍ لقانون الجيش خلال تعاملهم مع الجواسيس من الدول العربيّة، على حدّ تعبيرهم. جديرٌ بالذكر أنّ برنامج التحقيقات الاستقصائيّة في القناة الـ12 (عوفداه)، الذي تُعِّده وتُقدّمه الإعلاميّة المُخضرمة، إيلانا دايّان، وهو الذي كان قد كشف عن القضية-الفضيحة الأخيرة في أوائل الشهر الماضي.

وروى أحد الضُبّاط السابقين للتلفزيون الإسرائيليّ إنّه في الماضي توجّه إليه أحد العملاء من إحدى الدول العربيّة وطلب منه أنْ يسمح له بزيارة تل أبيب للتمتّع بالمناظر الخلابّة ومُمارسة الجنس في بيوت الدعارة، فكان له ما أراد، وزعم الضابط نفسه في حديثه أنّ عميلاً آخر طلب منه أنْ يقوم بتهريب المخدرات، فسمح له شريطة أنْ يتّم الأمر دون أيّ علاقة لكيان الاحتلال في العملية، وبالإضافة إلى ذلك، اشترطوا عليه عدم الاتجّار مع إسرائيليين، ومنعوه من زيارة الدولة العبريّة، كما قال الضابط السابِق في الوحدة (504).

عُلاوةً على ما ذُكر أعلاه، قالت المصادر في تل أبيب للموقع العبريّ (YNET) إنّ ضابط المخابرات الرئيسيّ بالوحدة تلقّى توبيخًا من قائد شعبة الاستخبارات العسكريّة، الجنرال تمير هايمان، لأنّه استلم الطحينة العربيّة-الفلسطينيّة في مرّتين مُختلفتين دون أنْ يفحص كيف وصلت العلب إليه، كما أنّه لم يقُم بأيّ إجراءٍ من أجل منع هذه العمليّات، كما قال الناطق بلسان جيش الاحتلال، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّ الضابط دفع ثمن الطحينة، التي تمّ شراؤها له من قبل العميل، الذي نفذّ أوامر مُشغلّه، كما جاء في بيان الناطِق العسكريّ الإسرائيليّ.

زر الذهاب إلى الأعلى