عدنان الروسان يكتب : هل نحن زبالة
هل أنتم زبالة ...هل نحن زبالة ..!!
في الحقيقة لا أدري ماذا أقول ، أو ماذا يجب أن يقال بعد أن وصلنا إلى ما نحن عليه
لقد استنفدنا كل ما يجب أن يقال بعد أن أصبحنا كلنا منظرين ، متحذلقين ، و لم يتبقى أمامنا إلا ربع الساعة الأخير كي ننقذ أنفسنا و الوطن ،
كل واحد ينظر في عيون الآخرين ، ثم يقلب وجهه في السماء ، لم نعد نثق ببعضنا بعضا ، و لم نعد نثق بأنفسنا ، كلنا في حالة من الحيرة و الذهول الحكومة و المعارضة ، الفقراء و الأغنياء ، المواطنون و المستوطنون ، اللصوص و الشرفاء ، كلنا كأن على رؤوسنا الطير ، نقطع الوقت في قراءة اليافطات التي باتت تملأ الشوارع .
المحل للإيجار ، المحل للبيع بداعي السفر ، المصنع مغلق بسبب الضرائب الجديدة ، البنك يحول أمواله للخارج بسبب الله أعلم . شارع الوكالات صار شارع الأشباح ، و الدوار الرابع صار دوار الاحتجاجات و شارع السعادة في الزرقاء صار شارع التعاسة ، و المخدرات التي كنا لا نراها إلا في الأفلام المصرية صارت في جيوب معظم الشباب ، و الدعاية لسندويش الفلافل صارت اشتري ساندويشا و الثاني مجانا .
جسر عبدون صار جسر الإنتحارات و الشعب كله بدون استثناء مديون إما لشركة الكهرباء أو لمياهنا أو لشركات الاتصالات أو للمخبز في الحارة ماعدا ديناصورات القرن الماضي و من فرخوهم في بداية القرن الجديد . يوما بعد يوم ساعة بعد ساعة نعيش على هوامش الزمن ننتظر الآتي و لا يأتي و قد نبقى ننتظر حتى نرى الوطن أو ما تبقى منه يجلس على حافة مقبرة يبكي علينا نحن الذين بعنا فراش بيوتنا ، ثم بعنا أبواب بيوتنا ثم بعناه هو ثم بعنا أنفسنا و بقينا نغني و نرقص فرحا كأننا على أبواب الجنة لا على أبواب الجحيم نحن أمام أبواب جهنم أيها نحن المواطنون ، نقف منتظرين ريحا صرصرا عاتية يسخرها علينا سبع ليال و ثمانية أيام حسوما فنضحي فيها أعجاز نخل خاوية ... أو أن ننتفض من الغبار الذي يكسو وجوهنا ، إنه غبار الموت ، ننفضه عن أنفسنا حكومة و معارضة ، حكاما و محكومين ، نترك الكذب على بعضنا البعض فالكذب لا يطعم خبزا و لا يسقي ماء ، و حبال الكذب تقطعت كلها من كثرة ما استخدمناها ، لا احد يستطيع فعل ذلك لوحده ، نحتاج إلى ثورة على أنفسنا ، نحتاج أن لا نحج إلى جحور الضباب و لا أن نكون خبابا و لا الخباب تخدعنا ، نحتاج إلى أن يغادر الكذابون جحور الديناصورات التي تعتاش على دماء الشعب و تكون ظالمة في الحكم و معارضة في التقاعد ، أو أن لا نبتسم نحن في وجوههم و نصفق لهذيانهم و نصدق ندواتهم و محاضراتهم التي تعج بالنفاق و الكذب .
لقد خاصمنا أو عادينا كل أصدقائنا و من يريدون بنا خيرا ، و صادقنا كل أعدائنا و أعطيناهم كل ما في كواراتنا و نملياتنا من طحين و سمن و بقينا نحن نتسول حتى توقف المحسنون عن التصدق علينا .
صرنا ننظر في المرآة فنقرف من أنفسنا و نقف على المقابر لنقرأ الفاتحة على أرواح أبائنا فيبصق إباؤنا علينا و هم في قبورهم تحت التراب ، لأنهم أعطونا وطنا مليئا بالرحمة فملئناه ظلما ، أعطونا وطنا مليئا بالقمح فملئناه بالهمبورجر ، أعطونا وطنا فيه وصفي التل فخلقنا وطنا رؤساؤه ......
ديناصورات لا تمل من الحياة و لا تنقرض مع ما ينقرض أو من ينقرض .
أنتم ، أي نحن ... في ربع الساعة الأخير، و المسألة مسألة وقت حتى لا يبقى لنا ما يمكن أن نصلحه ، و إصلاح الأمور لا يكون بالجلوس كالأيتام على أبواب اللئام ، و لا كالأرامل على أبواب المحسنين المغلقة .
الإصلاح يحتاج إلى عمل ، يحتاج إلى رومانسية في حب الوطن ، يحتاج إلى إن نترك الكذب و النفاق و الدحية و قراءة مقالات كتاب الدعسة السريعة ، الذين يتعشون مع معاوية و يصلون مع علي و يسكرون في أرجاء المحفل ، الوطن بحاجة إلى مثل بعض رجالاته الذين قضوا نحبهم و لم يبق بعدهم من ينتظر ، و من ينتظر بدلوا تبديلا .
هذا الوطن يستحق منا كل الحب و كل الغضب الذي في قلوبنا ، يحتاج منا أن نعلم انه ما حك جلدك مثل ظفرك ، يحتاج منا أن نؤمن أننا أقوى من فيالق اللصوص الذين باعوا الوطن و شربوا على منصة المزاد العلني انهارا من الويسكي ، يحتاج منا أن ننظم أنفسنا في أحزاب سياسية و أن نقاتل من أجل انتخابات حرة و نزيهة و أن ندفن حكومات رهيجة القديمة و الجديدة و نجعل على مقامها مكبا للنفايات ، يحتاج منا أن نكون كالدول المتقدمة و نحن نستق ذلك شعبا يعرف كيف يكون معارضة فاعلة و تحت مظلة الدستور و القانون و لكن بدون السحيجة و الدبيكة و الهتيفة و الرديفة الذين يشترون بثمن بخس دراهم معدودة و يباعون في سوق النخاسة كالعبيد .
نحتاج إلى ساعة صفاء ، ساعة توبة ، ساعة استغفار ، ساعة عمل سوف نبحث تحت كل صخرة من صخور الوطن ، و وراء كل شجرة تبقت مزروعة في أرجاء الوطن عن وصفي جديد يقود حكومة لا يسرق منها و لا يعين أبناءها فيها سفراء و وزراء و لا يعين بناته مديرات و مدراء ، و يترك الشعب يأكل من حاويات الزبالة و يترك وزيرا يقول للشعب الأردني انتم زبالة هل أنتم زبالة ... هل نحن زبالة الجواب ليس عندي تعالوا نبني حزبا يكون حزب الشعب كله لا حزب الديناصورات و الكذابين..
عدنان الروسان