حُكومَة إسرائيلية لعُيون ترَمب
عمان1:الاتفاق بين بنجامين نتانياهو وبيني جانتس على تشكيل حُكومة وحدة وطنية «تاريخي» للأسباب التالية: بعد ثلاث انتخابات فشلت بتشكيل حكومة، لأول مرة بتاريخ الكيان، ستُشكَّل حُكومة تُبقي نتانياهو رئيساً للوزراء لمدة سنة ونصف إضافية. أي أن بعد تنازله عن المنصب لجانتس، في حالة التزامه بالاتفاق، سيكون قد حَكَم نتانياهو مُدة خُمس سَنوات الحُكم بدولة تصِفُ نفسها «الديمقراطية الوحيدة» بالمنطقة. وبعد الاتفاق على عدد الوزراء بما يُرضي الشُركاء بمأساتنا التاريخية، ستدخُل التاريخ كأكبر حكومة منذ قيام الكيان، بـ36 وزيراً.
حصل هذا لأن «اسرائيل» لا تضع قيوداً زمنية كباقي «الديمقراطيات» على فترة حُكم رؤساء وزرائها، فخلقت لنفسها خبيراً بلعبة السياسة قادراً على تطويع «الديمقراطية» للبقاء على سدَّة الحُكم. أي انها خلقت لنفسها «ملك اسرائيل هذا الزمن» تتخيله «الملك دافيد» الجديد الذي «سيُوحِّد يهودا والسامرة»، وبما انه لن يُحقِّق هذا، سيدخُل التاريخ على الأقل «القائد الذي حَكَم اسرائيل لأطول مُدَّة بالتاريخ.»
لن يكون «الديفيد الجديد» لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جاد بتنفيذ «خطة السلام» التي «طوَّرها» زوج ابنته «الفَطحَل» جاريد كوشنير والتي قيَّمها العالَم السَوي الذي ما زال يُؤمِن بأن القانون الدُوَّلي مُهِم، «مَضحَكَة.» مُشكلة نتانياهو ويمينه أن «المَضحَكة» تحوي قيام «دولة فلسطينية مُستقلة» بأجزاء من الضفة الغربية حتى وإن كانت دولة بالإسم و»مسخ» بالفِعل.
كان بمَقدور نتانياهو أن يُشكِّل حُكومة مستوطنين يمينية بدون غانتس ولم يكن بإمكان غانتس أن يُشكِّل حُكومة بدون القائمة المشتركة، أي الفلسطينيين. وبسبب عنصرية أغلبية هذا الكيان، ولأن القائمة لن تدخل «حُكومة صهيونية» أصلاً، أصبح خيار غانتس الوحيد الاستسلام لتحقيق أحلام «مَلِك اسرائيل» والمضي قُدُماً.
اختار نتانياهو الشراكة مع غانتس - التي تُعطيه أغلبية مُريحة بالكنيست - على تشكيل حُكومَة مع يمين حزبه «قاعدة على كف عفريت» وتكون قابلة للسُقوط بأي وقت بسبب رفض هؤلاء التَخَلّي عن شبر من «يهودا والسامرة»، أي رفضهم لخطة كوشنير. هذا الخيار يُحقِّق له أيضاً أفضل الفُرَص للتعاطي مع المحاكم التي تُهدِّد حريته وخاصة بعد أن وافق جانتس أن يكون القرار بتعيين القُضاة الذين قد يُحاكِمون نتانياهو، لنتانياهو.
بكافة الحالات على نتانياهو أن يُرضي ترمب، حليفه الأعظم، مُتمنِّياً له النجاح بانتخابات نوفمبر، وفي حالة سُقوطه أن يستطيع التعامل مع حكومة الحزب الديمقراطي التي قد تُلغي «خرابيش كوشنير» وتطلب التفاوض المُباشِر مع الفلسطينيين على كافة تفاصيل «الحل النهائي.» مهما حدث، يكون «ملك اسرائيل» قد «مزط» من المحاكم وسلَّم الدفَّة «للمسكين غانتس» ليتعامل مع الملف. إن نجح غانتس بتحقيق أي إنجاز يدَّعي نتانياهو بأنه صنع المجد، وان فشل غانتس يقول نتانياهو: لو بقيت رئيساً لما حدث هذا، بل، والأدهى، قد يعود للحُكم بعد فشل «المسكين.»
حقَّق تشكيل هذه الحُكومة أيضاً الخَلاص من امكانية تسَّلُم القائِمة المُشتركة زعامة المُعارَضَة بالكنيست بعد انشقاق حزب يائير لابيد «يش عتيد» عن تحالف «الأزرق والأبيض» بزعامة غانتس ليستقل بأكبر كتلة مُعارِضَة بالبرلمان ويَسرُق «الفُرصة من العَرَب.»
أما بعد، فما يريده ترمب من هذه الحُكومة هو إعلانها فرض السيادة على المستوطنات وضم غور الأردن وشمال البحر الميت، حسب برنامج كوشنير، أي خلال شهرين قبل الانتخابات الأمريكية التي ستُعقَد في نوفمبر.
يحتاج ترمب هذا «الإنجاز التاريخي» لإقناع «أصدقاء اسرائيل» وقواعده المتشددة دينياً بالتصويت له. جيش الاحتلال «غير مرتاح» لهذا، وغانتس قد يُحاول المُماطَلة، ولكن نتانياهو سيكون ما زال على عرشه، ومُلتزم بدعم صديقه الحميم بالانتخابات. هي حُكومَة لعيون ترَمب. رمزي خوري - الدستور