عندما يهرب القائد تتبعه الفئران

عمان1:خارج حدود التفاصيل غير المهمة التي طالت الإعلان عن سقوط بعض أدوات النظم السياسية الاستبدادية والأخرى التي لم يعلن عن سقوطها بعد  لأنها ساقطة حكما وموضوعا وأثرا .
السقوط الأكبر الذي يجب أن يُسلط الضوء عليه اليوم هو ليس سقوط الأدوات .  لأن الأدوات لا قيمة لها يجري استعمالها ثم تجميعها في حضيرة الخردوات ... ما يجب تسليط الضوء عليه اليوم في مسار قانون التغيير الكوني هو سقوط " الثقافة التعبويّة "  التي أنتجتها النظم السياسية وأجهزة مخابراتها واستخباراتها وعصابات حكمها وكتّابها وخطبائها وأبواقها الإعلامية وعرصات مجالس فقهها التي صدّعت عقول الناس في كل الميادين وهي تمارس التعبئة الثقافية في حديثها عن الإرهاب من خلال وصفه أنه لا دين له ... وعن مكافحة الإرهاب .. ومحاربة التطرف وراحت تمارس التصدي للإرهاب من خلال إجراءات أجهزة أمنها ومخابراتها ..  تعتقل فلان .. وتعدم فلان .. وتخفي معالم فلان .. وتسوّق أفلام الآكشن لمكافحة الإرهاب ...  لتتفاجأ البشرية اليوم ومعها المواطن العربي أن أحذية النظم السياسية من وزراء وإعلاميين ومدراء أمن ومخابرات واستخبارات يتوافدون بكل وقاحة وصغار وإذلال وانحطاط للقاء الرموز التي وصفوها بالإرهاب وصنفوها بخانة الإرهاب العالمي..  وأصدروا عليها حكما بالإعدام ... ليأتوا لاحقا للجلوس مع رموز الإرهاب ... والتباحث معها .. والتقاط الصور معها .
من حق المواطن العربي اليوم أن يبول على كل المنتجات الثقافية التعبوية تلك التي صورت الإرهاب أنه لا دين له  ... ومن حق المواطن العربي أن يقرر هو أثناء قراءة الأخبار ومشاهدة الصور وسماع التصريحات  من هو الإرهابي الحقيقي ... وأن يقرر أنه بات للإرهاب دين ولون وحضور يعرف به .. وهو إرهاب النظم السياسية أيّا كانت صفتها استبدادية قمعية أم ديمقراطية إجرامية .
الكثيرون بعد مشاهدتهم الانحناء المذل لمكافحي الإرهاب أمام رموز الإرهاب .. يتساءلون " بالزبط هو مين الإرهابي ؟  ... السؤال المطروح اليوم هو ما مصير كل تلك الأحذية التي كانت تروج للثقافة العدائية للإرهاب .. وكيف لها أن تنظر إلى حذوتها أمام المرآة وهي تحمل مساحيق تجميل الإرهاب بعد أن سوقته بأبشع الصور والأفكار والتعبيرات ؟ .
كاتب عربي

زر الذهاب إلى الأعلى