بعد مفاجأة ليبرمان.. كشف تفاصيل تزويد أبو شباب بالسلاح

عمان1:على الرغم من التزام جيش الاحتلال الصمت حيال تشكيل أبو شباب العصابي، فقد كشف وزير جيش الاحتلال الأسبق أفيغدور ليبرمان، أن تل أبيب زودت “ميليشيات إجرامية” في قطاع غزة بأسلحة.
وقال ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني المعارض، لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن “إسرائيل نقلت بنادق هجومية وأسلحة خفيفة إلى مليشيات إجرامية في غزة”، مضيفا أن هذه الخطوة تمت بأوامر من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وتابع: “في رأيي، لم يُوافق مجلس الوزراء على نقل الأسلحة، لكن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) كان يعلم”، مشيراً إلى عدم تأكده من علم رئيس أركان جيش الاحتلال بالأمر.
وأضاف ليبريان: “نحن نتحدث عن ما يُعادل تنظيم داعش الإرهابي في غزة، ولا أحد يمكنه أن يضمن أن هذه الأسلحة لن تُستخدم ضدنا في وقت ما، لا يوجد لدينا وسيلة لمراقبتها أو تعقبها”.
ونقلت إذاعة الجيش الاسرائيلي عن مسؤول كبير في مجلس الوزراء قوله إن "ليبرمان كشف عن معلومات حساسة وهو مستعد للكشف عن معلومات تعرض الجنود والرهائن للخطر كل ذلك لدفوافع سياسية ضيقة".
وأضاف: "يكشف ليبرمان مجددا عن كونه رجلا ساخرا، غير مسؤول تماما، ومندفعا، مستعدا للكشف عن معلومات حساسة تُعرّض جنودنا ورهائننا للخطر. وكل ذلك لدوافع سياسية ضيقة. هذا ببساطة جنون منهجي خطير".
كما قال مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي: "نقلت إسرائيل أسلحة إلى عناصر الميليشيا، وكثير من الأسلحة - التي تمت مصادرتها من حماس والاستيلاء عليها في القطاع - ونقلت إليهم بنادق كلاشينكوف".
وأضاف: "يتركز نشاط الميليشيا في منطقة رفح، وهي المنطقة التي دخلها الجيش الإسرائيلي وطهرها، والآن يعمل رجال أبو الشباب هناك.
وتابع: "هذه مبادرة تمت صياغتها بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وتم رفعها إلى المستوى السياسي الذي وافق على الخطة".
وبحسب مصادر مطلعة على التفاصيل، فإن هذا القرار لا يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء.
وأكمل: "ميليشيا ياسر أبو شباب هي الميليشيا الوحيدة، في هذه المرحلة، التي تتعاون معها إسرائيل. ولا توجد أي جهات أخرى في غزة تتعاون معها بشكل مماثل".
ووفق الرواية الإسرائيلية، كان أبو شباب تاجر مخدرات معروفًا قبل الحرب، وقضى فترة في سجن حماس، بتهمة العمالة لإسرائيل.
ويُنظر إلى أبو شباب بوصفه قاطع طرق استغل سيطرته على القطاع لنهب شاحنات ، بحسب اتهامات حماس وكبار مسؤولي الأمم المتحدة.
تفكيك غزة من الداخل
وتتقاطع هذه الاتهامات مع تقارير سابقة أفادت بأن إسرائيل تدعم عصابات إجرامية في قطاع غزة، متورطة في سرقة المساعدات وخلق حالة من الفوضى، ضمن محاولات لإضعاف سلطة حركة حماس في إطار الحرب المستمرة على القطاع.
وفي أكثر من مناسبة، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن “عصابات مسلحة” مدعومة من إسرائيل تنهب المساعدات الإنسانية الشحيحة التي تدخل غزة، في ظل حصار إسرائيلي خانق.
وتفيد تحقيقات ميدانية ومصادر مطلعة أن إسرائيل عملت، منذ الأشهر الأولى لحرب الإبادة في أكتوبر 2023، على دعم ظهور العصابات التي نفذت عمليات نهب للمنازل والأماكن العامة تحت نظر المسيرات الإسرائيلية.
في حين بدأت تظهر العصابات المسلحة في الربع الأخير من العام الماضي في الوقت الذي شددت فيه قوات الاحتلال عملياتها البرية على شمال القطاع، وقررت منع وصول المساعدات والمواد الغذائية، ورفضت السماح لأي جهة أمنية في غزة بتأمين الشاحنات تجنبا لتعرضها للسرقة من أفرد العصابات الذين برز أبو شباب، وهو سجين سابق قبل الحرب بتهم جنائية، كقائد لهم عبر مليشيا مسلحة تقدر الجهات الأمنية في غزة بأن عددهم يتراوح بين 100 إلى 300 عنصر.
وتفيد معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بأن عمليات الاستهداف المباشرة التي تعرضت لها قوات الأمن وعناصر تأمين المساعدات التابعين لوزارة داخلية وعمليات الاغتيال المباشر لعناصرها على مدار 20 شهرا من الحرب، راح ضحيتها 754 شهيدا.
وبدا الأمر أكثر خطورة مع تعرضت مجموعة تأمين لقصف مباشر بثمانية استهدافات مباشرة من طائرات استطلاع وطائرات مُسيرة إسرائيلية على مدخل مدينة دير البلح وسط القطاع خلال اعتراضهم أفراد عصابات كانوا يسرقون شاحنات المساعدات فجر 23 مايو/أيار الماضي، ما تسبب في استشهاد 6 منهم، تبعها استهداف ثانٍ مباشر لأفراد من عناصر الداخلية خلال اعتراضهم عصابات على مفترق السرايا وسط مدينة غزة والمكتظ بالمارة، حيث تعرضت شاحنات للسرقة ظهر 29 مايو، واستشهد منهم 5 عناصر و4 مواطنين نتيجة القصف.
دفع هذا التحول إلى إعلان كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، تلك العصابات قوة مستعربين تابعين لجيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد بثت القسام مشاهد توثق استهداف عدد من عناصرها في رفح.
وأظهرت المقاطع المصورة تحرّك عناصر القوة قرب الحدود الشرقية، واقتحامها عددا من منازل الفلسطينيين، قبل أن يفجّر مقاتلو القسام أحد المنازل المفخخة أثناء وجود القوة بداخله، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من أفرادها.
وأكد مصدر أمني بالمقاومة الفلسطينية، أن القوة المستهدفة كانت مجموعة من العملاء المجنّدين لصالح الاحتلال، وممن أوكلت إليهم مهام تمشيط المناطق الحدودية، ورصد تحركات المقاومة، إضافة إلى نهب المساعدات الإنسانية.
وأكد المصدر أن تحرك العصابات على الأرض يتزامن مع الطلعات الجوية والاستهدافات التي ينفذها جيش الاحتلال بما يعكس تنسيقاً واضحاً وممنهجا بين الطرفين، بهدف تفكيك الجبهة الداخلية وضرب صمود الشعب الفلسطيني.
تقويض البنية الاجتماعية
في المقابل ترى أوساط فلسطينية في إعلان المرتزق أبو شباب أن عصابته تعمل تحت “الشرعية الفلسطينية”، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية في رام الله، أمرًا خطيرًا يستدعي التوقف عن حقيقة وجود علاقة بين العصابة والسلطة التي لم تعلق على ما ورد في فيديو نشره أبو شباب على حسابات مرتبطة بعصابته على موقع “فيسبوك” قبل أيام.
ويحذر باحثون اجتماعيون من أن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى تشظي داخلي خطير، لا سيما في ظل تدهور الوضع الإنساني، وغياب المؤسسات الضامنة للعدالة والمحاسبة.
ويروا أن إعلان أبو شباب غير المباشر ارتباطه بالسلطة، وعمله في الوقت نفسه تحت مظلة الاحتلال في نسيج مجتمعي محتل ومحاصر له تداعيات خطيرة، من أبرزها: تآكل الثقة المجتمعية، حيث يصبح كل مدني موضع شك، تشجيع الثأر الداخلي وزيادة فرص الاقتتال الأهلي، إلى جانب إعادة إنتاج مفاهيم “العملاء الجدد” بأساليب أكثر تعقيدًا وخطورة من أدوات الاحتلال التقليدية.
ياسر أبو شباب، الذي أفادت تقارير مؤخرًا بقيادته ميليشيا مسلحة تتحدى حماس في جنوب قطاع غزة، زعم في رسالة مسجلة باسمه أنه يعمل "تحت غطاء الشرعية الفلسطينية". وكان يشير إلى السلطة الفلسطينية، مؤكدًا أنه يعمل بتوجيهاتها وبالتنسيق الكامل معها. كما دعا سكان شرق رفح إلى العودة إلى منازلهم سالمين، مؤكدًا أنهم سيضمنون لهم المأوى والطعام بعد أن تم "تطهيرالمنطقة" وباتت تحت سيطرة مجموعته.