هيرست: تحركات روسية مقلقة في ليبيا.. هل تصبح سوريا ثانية؟

عمان1:قال الكاتب البريطاني، دافيد هيرست، إن التصرف الروسي في سوريا، يبعث على قلق شديد إزاء ما يجري في ليبيا، وإمكانية أن تصبح ليبيا ساحة ثانية لروسيا في المنطقة.
وأشار هيرست في مقال له على موقع "ميدل إيست آي" إلى وثائقي جديد غامض، يصف الرئيس الروسي الثالث، ورئيس الوزراء العاشر، ديميتري ميدفيدف، بـ"الضعيف الذي تنازل عن مصالح روسيا لأمريكا".
وليس ميدفيدف الأول الذي وصف بهذه الأوصاف، بل قيل الشيء ذاته عن ييلتسن وغورباتشوف. "فكلاهما يعتقد في روسيا أنهما تنازلا عن مصالح استراتيجية لروسيا سعياً منهما لتحقيق الانفراج مع الغرب".
وورد على لسان راوي الفيلم ما يلي: "لم تكتف روسيا بتقديم دعم للمجتمع الدولي، بل لقد حاول ميدفيدف تقديم خدمة أكبر، وقد تبين أن تلك كانت عملاً خيانياً."
ويتابع هيرست: "كان سقوط ليبيا في عام 2011 وليس غزو العراق في عام 2003 هو الذي أنجب فكرة أنه ينبغي على روسيا العودة إلى الشرق الأوسط بعد عقود من الغياب. ولكن روسيا اليوم في الشرق الأوسط كائن مختلف تماماً عن الاتحاد السوفياتي، والذي كان ينفق كثيراً من المال دون كثير تفكير بالمردود الاقتصادي من ذلك الإنفاق".
ولفت إلى أن رفض أوباما التورط في سوريا، "فرصة مثالية أمام بوتين لكي يثبت لمنافسه في البيت الأبيض أنه خسر احتكار استخدام القوة في الساحة الدولية"، وعليه "ما كان ينبغي أن يتفاجأ أحد بعودة القوات الروسية للظهور من جديد في ليبيا، وهي الساحة التي فقدوها من قبل في عام 2011".
والحقيقة أنه كما يعرف الجميع داخل روسيا وخارجها، فإن القوات الروسية التي تعمل داخل ليبيا إنما هي قوات خاصة بكل ما تعنيه الكلمة إلا أنها لا تُسمى كذلك، بحسب هيرست.
ويتابع المقال بأن هذه القوات تنتمي إلى "مجموعة واغنر التي يترأسها يفغيني بريغوجين، وهو بائع سابق للنقانق في مدينة لينينغراد التي ينحدر منها بوتين نفسه، وأصبح يعرف بطباخ الرئيس بعد أن عهد إليه بصفقة مربحة للغاية تتمثل بتزويد الكريملين باحتياجاته من وجبات الطعام".
وذكّر الكاتب بأنه في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي قتل منهم خمسة وثلاثون عنصراً في قصف جوي على ضواحي طرابلس. بعد شهر من ذلك اتهم فتحي باشاغة، وزير الداخلية في طرابلس، مجموعة واغنر بإشعال نيران الحرب الأهلية من جديد بعد أن كادت أن تخمد.
أخطاء استعمارية
إذا ما اعتبرت سوريا نموذجاً للتصرف الروسي فثمة ما يبعث على القلق الشديد إزاء ما يجري الآن في ليبيا. فقبل أن يتدخل الروس بقصفهم الجوي لإنقاذه، كان الرئيس الأسد ينهزم أمام قوات الفصائل الثورية وكان يمكن لدمشق أن تسقط بسهولة.
لم تكن القوة المشتركة لكل من إيران وحزب الله كافية لتمكين الجيش السوري من وقف المكاسب التي كانت قوات الفصائل الثورية في سوريا تحققها على الأرض جنباً إلى جنب مع مجموعات على ارتباط بتنظيم القاعدة.وإنما الذي غير ميزان القوة في الحرب الأهلية السورية لصالح النظام كان سلاح الجو الروسي. وفي ليبيا، مازال حفتر محشوراً خارج طرابلس وعاجزاً عن الاستيلاء عليها. فهل سيبادر الروس بتغيير ميزان القوة في ليبيا كما فعلوا في سوريا من قبل؟
فيما لو كان مرتزقو مجموعة واغنر مجرد رأس حربة لتدخل عسكري روسي، فسوف يحدث نفس الشيء في ليبيا حيث سيتم التمكين لضابط عسكري منح نفسه بنفسه رتبة مشير رغم ما في سجله من جرائم حرب تستدعي المحاكمة ورغم أنه لا يتمتع بدعم حتى نصف سكان البلاد.
ومن الممكن أن تؤدي ليبيا إلى وضع القوات الروسية والتركية في مواجهة مباشرة لبعضهم البعض، الأمر الذي من شأنه أن يهدد بتقويض علاقات موسكو الاستراتيجية مع أنقرة، والتي يجدها الروس مفيدة في صد النفوذ الأمريكي في المنطقة.
وفوق كل ذلك، لا يشكل التواجد الروسي في ليبيا استثماراً في السلام والتصالح، بل هو استثمار في الحرب والدمار. ثمة فرق كبير بين أن تسعى لصد الهيمنة الغربية والتدخل الغربي في منطقة الشرق الأوسط وبين أن تكرر بنفسك ارتكاب نفس الأخطاء الاستعمارية.