(اتفاق نووي) بين المغرب وروسيا

عمان 1 : صادقت الحكومة الروسية، الأربعاء، على اتفاقية تعاون مع نظيرتها المغربية تتعلق بتطوير استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، حسب ما نقلت وسائل إعلام روسية.
وتشمل مجالات التعاون تطوير البنية التحتية الطاقية في المغرب، من خلال بناء وتصميم مفاعلات للطاقة النووية وإنشاء محطات تحلية المياه وكذلك التنقيب عن رواسب اليورانيوم، بالإضافة إلى تطوير البحث العلمي لاستخدامات الطاقة النووية في المجالات الطبية والصناعية، وفق وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي".
وتضمن الاتفاقية كذلك، تزويد مفاعلات الطاقة والبحوث بالوقود النووي، وإدارة مخلفات هذا الأخير والنفايات المشعة، وإجراء البحوث الأساسية والتطبيقية في مجال الذرات النووية، إلى جانب استخدام تقنيات الإشعاع في المجالات السلمية.
وتنص بنود الاتفاقية على أن روسيا ستساعد المغرب على دراسة قاعدة الموارد المعدنية في البلاد، وتدريب العاملين في محطات الطاقة النووية، وكذا العاملين بالمركز المغربي للطاقة والعلوم والتكنولوجيا النووية، حسب الوكالة الروسية.
واطلع موقع الحرة على وثيقة حكومية روسية منشورة بتاريخ 11 أكتوبر، تخص توقيع اتفاقية بين الحكومة الروسية والحكومة المغربية بشأن التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، غير أنها لم تشر بالتفصيل إلى طبيعة التعاون أو مجالات.
الانتقال الطاقي وتأتي اتفاقية التعاون الجديدة، بعد أن وقع البلدان سنة 2017، على مذكرة تفاهم جمعت بين وزارة الطاقة والمعادن بالمغرب مع نظيرتها الروسية، لتعزيز التعاون في مجالات استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.
الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، محمد شقير يرى بأن هذه الاتفاقية الجديدة، نتاج لقاءات وتنسيق سابق، يخص تحديدا مجال إنتاج الكهرباء بالطاقة النووية، مشيرا إلى أن شركة روسية متخصصة ستعمل على مساعدة المغرب على إنجاز محطة نووية لإنتاج الكهرباء، ما يتماشى وسياسة المغرب في استخدام الطاقة النووية لأهداف سلمية.
ويسعى المغرب منذ أزيد من عقد إلى بلوغ "السيادة الطاقية" وتقليص اعتماداته الخارجية، وأطلق في هذا السياق مجموعة من المشاريع الكبرى في مجال الطاقات المتجددة؛ أبرزها محطة "نور" للطاقة الشمسية التي تعد من أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم.
في هذا الجانب، يوضح الخبير المغربي أن المغرب لا يتوفر على أي ثروة بترولية ويستورد أغلب احتياجاته الطاقية من الخارج، ما يترتب عنه تكاليف مالية ضخمة فرضت عليه التوجه إلى إنجاز مجموعة من محطات الطاقة الريحية والشمسية، والتفكير في التوجه إلى الطاقة النووية.
ويورد شقير في تصريح لموقع الحرة، أن الرباط تعتمد على روسيا لإنتاج الكهرباء بهذا النوع من الطاقة خاصة بمنطقة أغادير، جنوب المغرب، إلى جانب التعاون في مجالات نووية أخرى.
ويلفت محمد شقير إلى أن هذا التوجه "يجسد سياسة المغرب في التركيز الاستراتيجي على الطاقة المتجددة، وفي نفس الوقت على تنويع شركائه فيما يتعلق بإنتاج الطاقات البلديلة، بعد اتفاقياته مع بريطانيا وألمانيا وغيرهما من الشركاء".
"أهمية نوعية" سنة 2017، وقع رئيس الحكومة الروسي، دميتري ميدفيديف، ونظيره المغربي آنذاك، سعد الدين العثماني، على 11 اتفاقية للتعاون تهم مجالات التعاون الجمركي والفلاحي والعسكري والدبلوماسي والإداري والتجاري والثقافي، علاوة على قطاعات النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة والاستعمال السلمي للطاقة النورية.
وتم التوقيع على هذه الاتفاقيات، في سياق اتسمت فيه العلاقات المغربية بتقارب ملحوظ على مختلف المستويات، بعد زيارة الملك محمد السادس إلى روسيا سنة 2016، والتي أجرى خلالها محادثات موسعة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الخبير في العلاقات الدولية، عبد الفتاح الفاتحي، يعتبر أن الاتفاقيات مع الجانب الروسي في مجال الطاقة النووية "تشكل اختراقا قويا لصالح رؤية تعدد الشركاء الدوليين التي يشتغل وفقها المغرب كعرف في سياسته الخارجية".
ويلفت الخبير المغربي في تصريح لموقع الحرة، بأن توقيع روسيا اتفاقية "بهذا الحجم، وفي هذا السياق"، يعني "اقتناعها بمصداقية وقوة سياسة المغرب في مجال الانتقال الطاقي، ويؤكد كذلك استقلالية القرار السياسي والسيادي المغربي".
من جهة أخرى، يشدد الفاتحي على"الأهمية النوعية" لهذه الاتفاقية على المستويات التقنية والعلمية، كما يشير إلى أهميتها الاستراتيجية في هذه "المنطقة التي تعرف مخاضات التوازنات الجيواستراتيجية"، مشيرا إلى أن مجال الاتفاقية "تكشف عن عمق ورؤية استراتيجيةـ قد تدفع في اتجاه توفيق وجهات النظر في العديد من المجالات بين البلدين".
ويبرز الفاتحي بأن توقيع اتفاقية لإقامة محطة نووية وفق أحدث المعايير "يقوي من الشراكة المغربية الروسية، ويشير إلى كثير من الثقة والنضج البناء في الالتزام مع الدول التي لها مصداقية في العلاقات الدولية".
وأطلق المغرب منذ العام 2009، استراتيجية للانتقال الطاقي تهدف أساسا إلى ضمان الاستقلالية الطاقية وتقليص الانبعاثات الكربونية، وأعطى انطلاقة مجموعة من المشاريع في مجالات الطاقة الشمسية والريحية والمائية.
وينتج المغرب حاليا أكثر من 3950 ميغاوات من الطاقات الريحية والشمسية، وتهدف الاستراتيجية المغربية إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي إلى أكثر من 52 بالمئة في أفق سنة 2030.